طوكيو ـ أ.ف.ب
ما لدي القليل من الشعور بالعداء، لكنني سعيد لكوني هنا"، بهذه الكلمات يختصر المحارب الاميركي السابق ايروين جونسون البالغ من العمر 91 عاما، شعوره في اول زيارة له الى اليابان، وهو احد الناجين من معسكرات الاعتقال اليابانية في الفيليبين. وقد دعي ايروين الى جانب ثلاثة من المحاربين القدامى في صفوف القوات الاميركية، وثلاث ارامل لزملاء لهم، ليزوروا اليابان ضمن برنامج تنظمه وزارة الخارجية اليابانية ويرمي الى بناء الصداقة. ولا يطلب هؤلاء المحاربون القدامى اعتذارا ، وانما هم اتوا في خريف العمر ليكتشفوا اليابان، هذا البلد الخصم السابق، الذي اعاد بناء نفسه من تحت الانقاض، بعدما أتت القوة النووية الاميركية على أجزاء منه. وكان في استقبال هؤلاء الرجال والنساء المسنين، وزير الخارجية فوميو كيشيدا الذي تحدث عن "مصالحة القلوب"، وتمنى ان تشكل هذه الرحلة "ذكرى طيبة" لهم عن بلاد الشمس المشرقة. وهذه الرحلة هي الرابعة التي يقوم بها منذ العام 2010 محاربون اميركيون يقصدون البلد الذي كان عدوهم ومصدر متاعبهم ابان الحرب العالمية الثانية. ويقول ايروين لمراسل وكالة فرانس برس "لا شك ان وجودي هنا يقلب الذكريات القديمة، صحيح ان زمن الكوابيس من تلك الفترة قد ولى، لكن لا بد من الاعتراف اني لم اتجاوز تلك المرحلة بالكامل بعد". ويروي "في يوم عيد الميلاد من العام 1941، حضر لنا الطباخ عشاء مميزا، لكن الطائرات اليابانية شنت ليلتها غارة حولت العيد الى مأساة". وفي نيسان/ابريل من العام 1942، وقع اسيرا بيد اليابانيين، وبدأت "مسيرة الموت" الى باتان، في الطريق الى معسكر اودونيل الرهيب. ويقول "مشينا مسافة مائة كيلومتر في ستة ايام، كنا نجلس في النهار تحت اشعة الشمس، ونسير طوال الليل، حتى مع هطول المطر". ومن أصل ثمانين الف أسير، مات 23500 بسبب هذه الظروف السيئة، من بينهم 22 الف فيليبيني، بحسب تقرير اميركي رسمي. ومن تشرين الاول/اكتوبر من العام 1942، وحتى اب/اغسطس من العام 1945، نقل ايروين من الفيليبين الى فورموزا، الاسم القديم لتايوان، ومنها الى كوريا، ثم انتهى به الامر عاملا بالسخرة في منشوريا، قبل ان يحرره السوفيات. والى جانب ايروين، سافر روبرت هيير البالغ من العمر 92 عاما، والذي عاش ايضا في معسكرات الاعتقال اليابانية، ليزور اليابان. وامضى هذا المصور الحربي الاميركي السابق عامين ونصف العام في سبعة معسكرات اعتقال في الفيليبين وفورموزا وجزيرة هوكايدو شمال اليابان. ويقول انه سعيد لوجوده في طوكيو التي تشهد على الجهود الكبيرة لاعادة اعمار البلاد. ويقارن بين ما يذكره من قسوة سجانيه، وبين ما يراه اليوم من تحضر وأدب وذوق في قيادة السيارات، فيقول "اشعر بالخجل عندما اقارن ذلك بالاميركيين". ويضيف هذا الرتيب المتقاعد "في نهاية المطاف، وبالرغم من الحوادث المزعجة التي يصادفها المرء، يمكن ان نقول اننا حظينا بحياة جميلة". وتحية لرفاق السلاح، توجه المحاربون القدامى الى المقبرة العسكرية لدول الكومنولث في يوكوهاما، حيث يرقد 48 جنديا اميركيا، الى جانب رفات مئات من زملائهم الجنود البريطانيين والهولنديين، الذين لم تسمح لهم اقدارهم أن ينجوا من جحيم الحرب العالمية الثانية، وان يشاركوا في هذه المصالحة.