وصل صاحب الامبراطورية النفطية السابق ميخائيل خودوركوفسكي الذي اطلق سراحه بعد عشر سنوات من السجن بموجب عفو وقعه الجمعة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الى المانيا. وجرى اخراج خودوركوفسكي من سجنه في شمال غرب روسيا في عملية سرية تم الاتفاق على تفاصيلها خلف ابواب مغلقة مع الحكومة الالمانية بوساطة وزير الخارجية الالماني السابق هانز ديتريش غينشير. وفي احداث متلاحقة، استقل خودوركوفسكي، وهو اب لاربعة اطفال، طائرة اكدت وزارة الخارجية الالمانية لاحقا انها هبطت في مطار شوينفيلد في برلين. وصرح مصدر لوكالة فرانس برس ان والدة خودوركوفسكي المريضة مارينا (79 عاما) موجودة حاليا في روسيا، الا انه من المقرر ان تتوجه الى برلين السبت حيث تتلقى العلاج. وفي اول تصريحات له منذ الافراج عنه، قال خودوركوفسكي الذي كان اغنى رجل في روسيا، ان طلبه بالعفو لم يكن اعترافا بالاتهامات الموجهة اليه، وشكر غينشر الذي تولى وزارة الخارجية من 1974 وحتى 1992. ولكن في بيان اصدره محاموه، لم يتطرق خودوركوفسكي الى خططه المستقبلية واكتفى بالقول "انا اتطلع بشدة الى اللحظة التي اتمكن فيها من عناق احبائي". وقال انه تقدم بطلب العفو الى بوتين في 12 تشرين الثاني/نوفمبر رغم ان فريق الدفاع عنه كان لا يعلم بالطلب عندما اعلن بوتين نيته الافراج عن موكلهم الخميس. وكان الكرملين اعلن في بيان الجمعة ان الرئيس الروسي وقع مرسوم العفو عن خودوركوفسكي. وجاء اعلان الكرملين غداة تأكيد بوتين امس وخلافا لكل التوقعات ان خودوركوفسكي الذي يفترض ان يتم الافراج عنه في آب/اغسطس 2014، تقدم اليه بطلب عفو لاسباب انسانية اذ ان والدته مريضة. وقال بوتين "مرسوم العفو سيوقع قريبا جدا"، مؤكدا ان خودوركوفسكي المسجون منذ 2003 كتب رسالة طلب فيها العفو. واوضح انه "كان يفترض بميخائيل خودوركوفسكي وفقا للقانون ان يقدم طلبا بهذا المعنى ولم يفعل. لكن مؤخرا كتب هذه الرسالة وتوجه الي شخصيا لطلب العفو". وقال الرئيس الروسي في بيان نشره الكرملين الجمعة "مسترشدا بمبادئ انسانية، قررت ان ميخائيل بوريسوفيتش خودوركوفسكي (...) يجب ان يتم الافراج عنه قبل انتهاء عقوبته، وهذا المرسوم يدخل حيز التنفيذ على الفور". ومن غير الواضح ما هو الدور الذي سيقوم به خودوركوفسكي في روسيا بعد الافراج عنه، الا انه يبدو من المؤكد ان بوتين لم يكن ليسمح بالافراج عنه لو كان يعتبره تهديدا. ولا يوجد مؤشر على موعد عودته الى روسيا وما اذا كان سيعود الى وطنه. وتزامن الافراج عن خودوركوفسكي مع العفو عن عدد كبير من السجناء المدانين بجرائم غير عنيفة والمتوقع ان تشمل عضوات فرقة "بوسي ريوت" الغنائية في الايام المقبلة. ويتوقع كذلك ان يتم الافراج عن 30 من نشطاء حركة السلام الاخضر الروسية الذين اعتقلوا بعد احتجاجهم على التنقيب عن النفط في مياه القطب الشمالي. وكان من المفترض الافراج عن خودوركوفسكي في اب/اغسطس 2014 الا ان الادعاء الروسي اثار في وقت سابق من هذا الشهر احتمال محاكمته للمرة الثالثة بتهمة غسيل الاموال. الا ان بوتين قال الخميس انه لا يرى احتمال رفع قضية ثالثة ضده. وذكرت صحيفة كومرسانت ان خودوركوفسكي تقدم بطلب العفو الرئاسي الى فلاديمير بوتين تحت ضغط الاستخبارات. ونقلت "كومرسانت" عن مصادر لم تحددها انه بعد كشف القضاء الروسي في كانون الاول/ديسمبر عن تحقيقات جديدة ضد خودوركوفسكي يمكن ان تؤدي الى محاكمة ثالثة له، التقى اعضاء في الاستخبارات مع صاحب النفوذ السابق. وروى له هؤلاء ان الوضع الصحي لوالدته يتدهور وتحدثوا عن قضية جنائية ثالثة ضده، حسب الصحيفة التي اضافت ان "هذه المحادثة التي جرت بحضور محامين، اجبرت خودوركوفسكي على التوجه الى الرئيس". وقال محللون سياسيون واقتصاديون ان السبب وراء الافراج هو ان بوتين يسعى الى تحسين اجواء الاعمال وصورة روسيا مع اقتراب دورة الالعاب الاولمبية في سوتشي في شباط/فبراير المقبل، وهي مسألة ترتدي اهمية كبرى لدى الرئيس الروسي. وصرح الخبير الاقتصادي البارز سيرغي غورييف الذي انتقد الحكم على خودوركوفسكي في 2010، لوكالة فرانس برس ان الافراج عن خودوركوفسكي "بحد ذاته لن يغير شيئا، ولكنه سيمنح املا للمستثمرين". ورأت صحيفة فيدوموستي ان بوتين "لديه عدة اسباب لتسوية قضية خودوركوفسكي: تدهور صورة روسيا في الخارج عشية الالعاب الاولمبية في سوتشي وانكماش الاقتصاد والمناخ السيئ للاعمال". واشارت الى ان نبأ الافراج عنه ادى الى ارتفاع البورصة اليوم. اما الشريك الرئيس لخودوركوفسكي بلاتون ليبيديف الذي اوقف وحوكم معه، فيفترض ان تنتهي عقوبته في ايار/مايو 2014. لكن محاميه قال انه سيبحث معه في امكانية التقدم بطلب عفو. وكان خودوركوفسكي يعتبر في احدى الفترات اغنى رجل في روسيا واحدى اكثر الشخصيات نفوذا في هذا البلد. وحكم عليه في 2005 بالسجن مع الاشغال الشاقة ثمانية اعوام اثر ادانته "بالاحتيال والتهرب الضريبي". وعلى اثر محاكمة ثانية بتهمة "سرقة النفط وتبييض اموال" بقيمة 23,5 مليار دولار، رفعت العقوبة الى السجن 14 عاما. ويرى المدافعون عن حقوق الانسان وعدد من المراقبين الاجانب ان خودوركوفسكي الذي يبلغ من العمر اليوم 50 عاما كان ضحية تصفية حسابات نظمها فلاديمير بوتين.