كشفت وثائق ان صندوقا حكوميا باكستانيا مخصصا لمكافحة الارهاب استخدم لشراء هدايا زفاف وسجادات فاخرة ومجوهرات واجهزة كمبيوتر لاقارب وزراء او مسؤولين يزورون البلاد. وهذه المعلومات تسلط الضوء على فساد نادر وفاضح متفش بشكل واسع داخل الدولة التي تواجه صعوبات مالية كبيرة وتعجز منذ سنوات عن وقف الاعتداءات الدامية لمتمردي طالبان. وتتعلق المعلومات باللجنة الوطنية لادارة الازمات، خلية وزارة الداخلية التي شكلت في العام الفين لتحسين تنسيق الجهود لمكافحة الارهاب بين اجهزة الاستخبارات والحكومة المدنية. والولايات المتحدة التي دعمتها باكستان في "حربها على الارهاب" في نهاية 2001 دفعت لها منذ ذلك الحين مع دول غربية اخرى مليارات الدولارات للمساعدة في محاربة اسلاميي طالبان وحلفائهم في القاعدة على اراضيها. وخصصت الحكومة الباكستانية مبلغ 425 مليون روبية (ثلاثة ملايين يورو) للجنة الوطنية لادارة الازمات للفترة الممتدة بين 2009 و2013 بحسب وثائق رسمية حصل عليها عمر شيما الصحافي المتخصص في التحقيقات في صحيفة ذي نيوز الباكستانية واطلعت عليها وكالة فرانس برس. وكانت وزارة الداخلية في حينها بيد رحمن مالك القريب من الرئيس السابق آصف علي زرداري زعيم حزب الشعب الباكستاني. وتؤكد وثائق عدة دفع اموال لمخبرين او لصيانة سيارات او دفع الموظفين ساعات العمل الاضافية. لكن بعض الفواتير تظهر شراء هدايا لدبلوماسيين اميركيين وبريطانيين او باقات زهور او قوالب حلوى لصحافيين. واظهرت فاتورة بقيمة 70 الف روبية (487 يورو) شراء "ساعتي يد لاحد اقارب وزير الداخلية بمناسبة زفافه". واظهرت وثيقة اخرى ان هذا الوزير اشترى خلال زيارة لروما بمناسبة مؤتمر للانتربول في تشرين الثاني/نوفمبر 2012 "هدايا" منها قلادة وطاولات مصنوعة من الخشب ولوح آيباد. كما استخدمت موازنة هذه الخلية مطلع 2013 لشراء ثلاث سجادات هدايا زفاف نجل رئيس الوزراء في حينها رجاء برويز اشرف وطقمي مجوهرات من الذهب احدهما بقيمة 2200 يورو والثاني 1100 يورو لاشخاص لم يتحدد هوياتهم. وهناك فاتورة في كانون الاول/ديسمبر 2012 تكشف مبلغ 17 الف يورو في متجر حرفي في اسلام اباد لشراء سجادات واغراض اخرى لمندوبين من الاتحاد الاوروبي وايران والهند، واخرى بقيمة 800 دولار للتضحية باربع من رؤوس الغنم بمناسبة عيد الاضحى. وامرت حكومة رئيس الوزراء نواز شريف التي وصلت الى السلطة بعد فوزها على خصمها التقليدي حزب الشعب الباكستاني في الانتخابات الاخيرة في ايار/مايو، بالتدقيق في حسابات وزارة الداخلية خلال الفترة الممتدة بين 2010 و2013. ولا تبدو الوزارة على عجلة من امرها لمعالجة هذه القضية ففي رسالة تلقتها في 17 كانون الاول/ديسمبر اسف المدققون في الحسابات الحكوميون لعدم "حصولهم على الوثائق اللازمة". وبعد عودته الى سدة الحكم الغى شريف الصناديق السرية ل16 وزارة في اطار الجهود لمحاربة الفساد ومراقبة النفقات. وفي اتصال هاتفي لوكالة فرانس برس اكد احد المتهمين الرئيسيين في هذه القضية وزير الداخلية السابق رحمن مالك "لم اكن اشرف على صناديق اللجنة الوطنية لادارة الازمات ولم استخدمها". لكن على بعض الفواتير هناك ملاحظة كتبت بخط اليد تفيد بانه هو الذي امر بالقيام بعملية الشراء. واجاب الوزير السابق "تعرفون كيف تسير الامور في باكستان. هذا لا يعني بالضرورة انني طلبت شخصيا اجراء هذه النفقات". وعلى حسابه على تويتر برر شراء بعض الهدايا من اموال الصندوق لعمليات "روتينية" على حد قوله. ورفض معين حيدر وزير الداخلية بين عامي 1999 و2002 خلال الفترة التي اسس فيها هذا الصندوق، هذه الحجج. وصرح لفرانس برس "كانت هذه الاموال مخصصة لانشاء مكاتب في الارياف وخصوصا لتمويل شراء معدات للاتصال وتحليل معلومات وليس لشراء هدايا". ويرى الصحافي الذي كشف هذه المعلومات ان هذه القضية مثال يدل على ان قسما من المسؤولين الباكستانيين استفادوا شخصيا من موجة الارهاب الدامية التي اوقعت اكثر من ستة الاف قتيل في البلاد منذ 2007. واكد ان الامر سيستلزم اكثر من ذلك لتغيير الامور في اجهزة الدولة منتقدا موقف وزارة الداخلية التي "لا تسمح لفريق المدققين في الحسابات من الاطلاع على حساباتها".