جنود يزحفون على الشاطئ وسرب من الطائرات العسكرية وموكب سيارات جيب مع البحر كخلفية.. مدينة انزيو الساحلية تستعيد خلال عطلة نهاية الاسبوع احد اهم انزالات الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية في العام 1944. وكانت تلك المعركة من المحطات الاساسية في التاريخ، فبعد اشهر من حرب خنادق دامية تمكنت القوات الحليفة من شق طريق باتجاه روما محررة العاصمة الايطالية من الاحتلال النازي. وقد خسرت القوات الاميركية والبريطانية والكندية الاف الجنود في انزيو ومحيطها. واتت عملية الانزال في الساعات الاولى من فجر 22 كانون الثاني/يناير 1944. الفريدو رينالدي المولود في انزيو كان يقيم في روما بعدما اخلى الالمان المدينة من سكانها. ورغم بلوغه السادسة والثمانين لا يزال يذكر كل شيء بحذافيره. ويوضح "عرفت عبر الاذاعة ان الاميركيين قاموا بانزال. فلم اتردد انتقلت الى انزيو مشيا (مسافة ستين كيلومترا) وفي طريقي الى هناك التقيت بجندي اميركي اسود. كانت المرة الاولى التي ارى فيها رجلا اسود". كان رينالدي في السادسة عشرة فقط من العمر وقد ضمته القوات الاميركية كمترجم. ويقول "لم اكن خائفا بسبب لامبالاة الشباب ربما. كنت اساعد حتى في حشو المدافع. كان هذا العالم يجذبني. وللمفارقة كانت الحرب كانت بالنسبة لي مرحلة رائعة". ورغم عنصر المفاجأة الذي شكلته عملية "شينغل" البرمائية الا انها لم تأت بالنتائج المرجوة. فقد تردد الحلفاء في الهجوم على الخطوط الالمانية فتمكن الالمان من الحصول على تعزيزات واعادة تنظيم صفوفهم. وطالت معركة انزيو حتى حزيران/يونيو 1944 وحصدت سبعة الاف ضحية في صفوف الحلفاء وخمسة الاف في صفوف قوات المحور. وبين الرجال الذين سقطوا على الجبهة اللفتنانت البريطاني اريك فليتشر ووترز والد مغني فرقة "بينك فلويد" روجير ووترز. وينتظر قدوم الموسيقي الشهر المقبل الى انزيو للمشاركة في مراسم اثر عمليات بحث سمحت بمعرفة ظروف مقتل والده خلال هجوم نازي مضاد. ويقول المقاتل البريطاني السابق ستان ترتون (90 عاما) الذي اتى خصيصا من شيفيلد لرؤية مواقع معركة انزيو الطويلة لوكالة فرانس برس "لقد كانت الفوضى عارمة". وقد نجا ترتون من غرق السفينة الحربية البريطانية "سبارتان" جراء اصابتها بقنابل المانية ما ادى الى سقوط 51 قتيلا. ويقول ترتون متذكر "ظننت اني لن انجو" وبعدما امضى ساعتين في المياه الباردة انقذته سفينة اميركية. ويعود تاريخ انزيو الى الماضي البعيد، فهي كانت مقرا ريفيا للاباطرة الرومان، ولاسيما نيرون. وقد اتت عليها الحرب العالمية الثانية بصورة شبه كاملة، لتعود اليها الحياة في ما بعد وتصبح مقصدا سياحيا لا يهدأ في الصيف. لكن اثار المعارك ما زالت ماثلة في المكان، اذ يمكن العثور على الشاطئ على بقايا سلاح قديم او ذخائر مستخدمة وغير ذلك. وأقيم في المدينة متحف لتخليد ذكرى هذه المعركة، تعرض فيه بقايا من هذه الاسلحة والذخائر، وصور بالاسود والابيض للمدينة عام 1944، تظهر حجم الدمار الواسع فيها. ويقول باتريزيو كولانتيونو مدير المتحف والمسؤول عن النشاط الاستعادي الذي تنظمه المدينة في ذكرى المعركة "في ما مضى كان سكان المدينة يرغبون في نسيان ما جرى..أما اليوم فقد تغيرت الامور وبات متاحا للاجيال الجديدة ان تعرف ما جرى". وتبرع محاربون قدامى بأزيائهم العسكرية ومقتنياتهم العائدة لتلك الحقبة، لصالح النشاطات التي تصب في احياء الذاكرة. وما زالت اضرحة المانية في المدينة تحمل على شواهدها شارة النازية. ويقول ضابط بريطاني سابق شارك في المعركة وهو اليوم في الحادية والتسعين من عمره "كنا نعيش في مخابئ على خطوط القتال، كنا نحفر في الجدران لوضع اغراضنا الشخصية، وكان بالامكان ان نسمع صوت الجنود الالمان في مخابئهم ايضا، في الجانب الآخر من خط القتال".