شرطيون هنود في موقع انقلاب حافلة

لم يعد واردا لدى انيتا راجبوت ان يعود ابنها وحده من المدرسة، بعد شهر على مصرع شقيقه في حادث سير مروع، وهي على غرار الكثيرين من اهل الضحايا ينتظرون بفارغ الصبر تشديد القوانين المرورية في بلد يموت فيه 200 الف شخص سنويا في الطرقات.

وتبرر الوالدة المفجوعة خوفها على ابنها الثاني قائلة "هل تغير شيء؟ كيف لي ان اتركه يمشي وحده في الطرقات، ماذا سيحل بي ان جرى له ما جرى لشقيقه" الذي مات سحقا بين حافلتين الشهر الماضي.

وتعد الطرقات في الهند من الاخطر في العالم، اذ يقضي فيها سنويا اكثر من 200 الف شخص، بحسب منظمة الصحة العالمية.

وتعزى معظم هذه الحوادث القاتلة الى ضعف التشريعات الرادعة، وعدم التزام السائقين القواعد المرورية، وعدم تطبيق عناصر الشرطة للقوانين، وكثيرون منهم واقعون في دائرة الفساد.

وبعد سنوات من تصاعد ظاهرة الحوادث الدامية التي لم تحرك السلطات ساكنا للحد منها، اقترحت الحكومة أخيرا تشديد القوانين، ومنها رفع قيمة الغرامات على المخالفات التي لا تتجاوز قيمة عدد منها ثلاثة دولارات.

وينتظر الخبراء وضحايا الحوادث المرورية بفارغ الصبر تعديل القوانين المرورية المعمول بها حاليا والتي تعود الى زمن الاستعمار البريطاني.

لكن اقرار مشروع القانون الجديد ارجئ الى اواخر شهر نيسان/ابريل على اقرب تقدير.

ويقول بولكيت كومار، وهو شاب في التاسعة والعشرين من العمر اقعده حادث اصيب فيه بكسر في العمود الفقري "يجب اقرار قانون جديد، حتى لو انقذ حياة واحدة فقط".

وكان كومار على دراجته النارية ينتظر الاشارة الخضراء لينطلق، حين اتت عليه حافلة ودهسته قرب نيودلهي.

واجبر الشاب بعد ذلك على ترك عمله، في الوقت الذي كان عليه ان يدفع نفقات باهظة للعلاج. وهو لا يطلب الآن سوى ان ينال تعويضه العادل.

فقد مضت اربع سنوات على الحادث، ولم ينصف القضاء الهندي هذا الشاب بأي تعويض.

ويقول كومار لمراسل وكالة فرانس برس "كانت تلك الحافلة حكومية، لكني لم اتلق اي تعويضات ولا حتى أي زيارة مجاملة من مسوؤل".

وتتربع الهند في موقع متقدم بين الدول التي يقضي مواطنوها دهسا في الشوارع او في حوادث مرورية، اذ بلغ عدد من قتلوا في شوارعها في العام 2013 نحو 231 الفا.

وتختص الهند بنسبة 15 % من الحوادث القاتلة في العالم علما ان عدد السيارات فيها لا يشكل نسبة تزيد عن 1 % من سيارات العالم.

وبحسب الخبراء والناشطين في مجال التوعية المرورية، فان الفساد من اهم اسباب هذه الظاهرة.

ويقول انوراغ كولشريشتا رئيس جمعية ترافيكزام "نحن نعيش في نظام مزر، الفساد مستشر في كل مكان، ابتداء من شق الطرقات ومنح اجازات القيادة، وصولا الى التهرب من دفع الغرامات".

ويشير ايضا الى الحالة المتردية لشبكة الطرقات والتي لا يمكنها ان تستوعب الحركة المرورية التي تضاف اليها كل يوم الاف السيارات.

وتعهدت الحكومة في الآونة الاخيرة برصد اموال تكفي لشق مئة الف كيلومتر اضافية من الطرقات، وان تنفق 11,3 مليار دولار في اعمال البنى التحتية.

وفي انتظار ان توضع هذه المشاريع موضع التنفيذ، تبقى الطرقات في الهند ساحات سباق ونزاع بين السيارات والشاحنات والحافلات، والابقار والعربات والمشاة الذين يغامرون بحياتهم في ظل هذا الاكتظاظ وفي ظل غياب الارصفة المناسبة.

ويطالب الخبراء باصلاحات عدة من شأنها ان تحسن الاوضاع، منها فصل مسارات المركبات بحسب احجامها، ومضاعفة الطرقات المخصصة للشاحنات الثقيلة، واستحداث مساحات لسير الدراجات.

اضافة الى ذلك، ينبغي ان يتلقى الاطفال في مدارسهم التوعية اللازمة للسلامة المرورية، بحسب ما يقول اس فلموروغان الباحث في معهد "سنترال رود ريسيرتش" في نيودلهي لوكالة فرانس برس.

ومن الظواهر التي يجب التخلص منها، تكدس افراد عائلة معا فوق دراجة نارية واحدة تشق طريقها في زحمة السيارات والحافلات.

ويندرج مشروع القانون الجديد في اطار خطة من خمس سنوات تعتزم الحكومة تنفيذها للحد من الحوادث المرورية القاتلة.

ولهذا الغرض، بطالب الخبراء مثلا برفع غرامات تجاوز الاشارات الحمراء من 50 يورو الى 250، على ان ترتفع الى 500 عند تكرار المخالفة، وكذلك على عقوبة عدم وضع حزام الامان التي تقل عن 2 يورو.

ا ف ب