تايلاند ـ وكالات
في قلب المثلث الذهبي، يجوب زورق للشرطة التايلاندية يعلوه سلاح رشاش مياه نهر ميكونغ فبعدما طاردت السلطات لفترات طويلة الافيون والهيرويين ها هي تبحث الان ايضا عن الميتامفيتامين. في هذه المنطقة الزاخرة بالاساطير في اقاصي تايلاند ولاوس وبورما المخدرات تختلف لكن التجارة تستمر. ويقول الجنرال مانوب سيناكون قائد شرطة تشيانغ ساين البوابة التايلاندية للمثلث الذهبي "من الصعب فعلا منع تهريب المخدرات الى تايلاند. لكن نحاول بكل الوسائل". مركز مكافحة الجريمة على نهر ميكونغ الذي يضم 30 شرطيا وثلاثة زوارق بالتنسيق مع دول مجاورة، يراقب حركة الملاحة على 17 كيلومترا من الحدود النهرية بين تايلاند ولاسو. وهي وحدة شكلت بعد مقتل نهاية العام 2011، 13 بحارا صينيا في هجوم تم بنتيجته ضبط 900 الف قرص مخدرات. ومنذ ذلك الحين تم اعدام ناو خام عراب المخدرات البورمي مع ثلاثة من مساعديه في الصين في اطار هذه المجزرة. اما الزورقان اللذان يحملان اثار الرصاص فيصدأن في مرفأ تشيان ساين. وبالفعل تراجع استخدام التجار للنهر مقارنة بالماضي على ما يؤكد الجنرال مانوب. فغالبية حركة الاتجار "باتت تتم عبر الجبال على امتداد الحدود" على ما يوضح. وقد انضمت الصين الى عمليات المراقبة للنهر التي تنال التأيد بالاجماع. واعتبرت سفارة الصين في بورما في ختام عملية مشتركة استمرت شهرين في مياه النهر مع جيرانها وانتهت للتو ان "الجرائم المرتبطة بالمخدرات على نهر ميكونغ باتت تحت السيطرة والمراقبة". وسمحت عملية "الميكونغ الامن" بتوقيف 2534 متشبها بهم وضبط حوالى عشرة اطنان من المخدرات على ما تفيد السلطات التايلاندية. الا ان بيار-ارنو شوفي عالم الجغرافيا في المركز الوطني للبحث العلمي في فرنسا يقلل من اهمية ما يحصل بقوله "انا لست مقتنعا. لدينا بطبيعة الحال بعض عمليات الضبط التي تلقى تغطية اعلامية كبيرة لكن ما من تقييم لفاعلية الدوريات". ويضيف "ثمة شبكات كبيرة قليلة منظمة من الانتاج الى البيع بالمفرق" واصفا وجود شبكات "متفاوتة الحجم مع الكثير من الوسطاء وخصوصا عدد كبير من التجار الصغار غير المهنيين الذين يستفيدون من فرص متاحة". ويأتي ذلك على خلفية فساد مستشر في صفوف الضباط على الارض "وهي مشكلة في تايلاند حيث يمكن رشوة بعض المسؤولين" على ما تفيد وزارة الخارجية الاميركية. ويؤكد بارادورن باتاتاتابوت رئيس مجلس الامن القومي ذلك بشكل غير مباشر بقوله لوكالة فرانس برس"انا لا انفي ذلك"..واعدا بمعاقبة المسؤولين. ويعتبر مكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة ان ما لا يقل عن 1,4 مليار قرص يابا الاسم التايلاندي للميتامفيتامين تنتج سنويا في المنطقة. وغالبيتها تأتي من مختبرات صغيرة نقالة في مناطق نائية في قلب الادغال في ولاية شان في شرق بورما. وهذه بضاعة تقدر قيمتها ب8,8 مليارات دولار يضاف اليها الهيرويين الاتي ايضا من بورما ثاني منتج للافيون في العالم وراء افغانستان. الافيون والهيرويين اللذان ساهما في سمعة المنطقة التي كانت اول منتج عالمي قبل ثلاثين عاما، تراجعا امام الميتامفيتامين في مطلع العقد الماضي بسبب سياسة القضاء على الخشخاش. لكن "منذ العام 2006 عادت زراعة الافيون لتنتعش وهي تشهد ارتفاعا منذ ست سنوات متتالية" على ما يقول تون ناي سوي من مكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة في بانكوك واصفا المستويات الحالية بانها "مقلقة" بالنسبة لكل المواد الافيونية والميتامفيتامين. ويوضح ان المثلث الذهبي "يبقى مركز الاتجار والانتاج". ويقول الجنرال مانوب ان تهديد التجار يزداد مشيرا الى "قوافل من 20 الى 30 شخصا" مسلحا تمر عبر الادغال. والاشتباكات منتظمة وقد قتل في احداها ثمانية تجار برصاص القوى الامنية العام 2012. لكن على صعيد المستهلكين التايلانديين لم يتغير شيء. وتقول نيسانارت تريرات المساعدة الاجتماعية في مركز صحي في مدينة صفيح في بانكوك "انا اعمل في كلونغتويي منذ فترة طويلة ولا ارى ان المشكلة تتراجع" مؤكدة ان الميتامفيتامين حلت مكان الهيرويين وجعلت العلاجات المعتمدة بالية. المخدرات على شكل قرص او مسحوق تباع عند زاوية كل شارع. ويقول جون (35 عاما) الذي يؤكد انه لم يعد يتعاطى المخدرات منذ خروجه من السجن حيث امضى بضع سنوات بسبب جريمة قتل "يسألني اطفال في الشارع : +ماذا تريد؟+" وهو كان يتعاطى المخدرات منذ سن العاشرة من صمغ وفاليوم وماريجوانا ويابا وآيس وهيرويين الا انه مصاب فيروس الايدز فاراد التوقف. ويختم قائلا "انها فرصتي الاخيرة لارضاء والدتي قبل ان اموت".