المهندسة المعمارية الراحلة زها حديد

كشفت بريطانيا عن تماثيل جوائز بريت الموسيقية للعام المقبل، والتي صممتها المهندسة المعمارية الراحلة زها حديد.

وكانت حديد، وهي بريطانية من أصل عراقي، حصلت في عام 2012 على لقب "سيدة"، وهو أرفع لقب تمنحه ملكة بريطانيا للسيدات، قد بدأت العمل على تصميم التماثيل قبل ثلاثة أشهر من وفاتها. وأُعلن عن خمسة تصميمات، إلا أن واحدًا فقط منها سيُوزع على الفائزين في الحفل الذي يُقام في شهر شباط/فبراير المقبل. وأعرب رئيس جوائز بريت، جايسون إلي، عن سعادته قائلًا "بانتهاء العمل على التماثيل. وهي تصميمات مبتكرة وأصلية كعادة زها، وفاقت توقعاتنا بكثير لصنع شيء مميز يحقق تقدم الجوائز في المستقبل". مضيفًا أنّ حديد كانت قد أخبرته بأن لديها "رؤية" للتصميمات".

وأصدر مكتب زها بيانًا جاء فيه "إنها أجرت قبل وفاتها "اجتماعًا مبدئيًا مع فريقها، أعلنت فيه عن توجيهات واضحة للتصميم. واحترم الجميع هذه الرؤية ونفذوها بدقة، إلا أنها للأسف لم تر التصميم النهائي." وقالت مها قطاي، مديرة مكتب تصميمات زهاء حديد، إنها عملت وفقا للأفكار الأصلية لحديد "وتعبر التصاميم عن إيمان زها بالتقدم والتفاؤل بالمستقبل، والخروج عن النمطية." ومن بين المصممين السابقين لتماثيل جوائز بريت الفنان ديميان هيرست، وسير بيتر بلايك.

يذكر أن زها حديد توفيت عن عمر 65 عامًا بعد إصابتها بأزمة قلبية في آذار/مارس الماضي. هي معمارية عراقية، وُلدت في بغداد 31 في أكتوبر 1950. ابنة محمد بن حسين بن حديد اللهيبي، أحد القادة في الحزب الوطني الديمقراطي العراقي والوزير الأسبق للمالية العراقية محمد حديد الذي اشتهر بتسيير اقتصاد العراق خلال الفترة من عام 1958 حتى 1963. وظلت زها تدرس في مدارس بغداد حتى انتهائها من دراستها الثانوية. وحصلت على شهادة الليسانس في الرياضيات من الجامعة الأميركية في بيروت 1971، ولها شهرة واسعة في الأوساط المعمارية الغربية، وحاصلة على وسام التقدير من الملكة البريطانية، ولقد تخرجت عام 1977 من الجمعية المعمارية آي آي بلندن، وعملت كمعيدة في كلية العمارة 1987، وانتظمت كأستاذة زائرة في عدة جامعات في دول أوروبا وفي أميركا منها هارفرد وشيكاغو وهامبورغ وأوهايو وكولومبيا ونيويورك وييل.  وبالرغم من ذلك، لم تلق تصاميمها اهتمامًا لدى مجلس النواب العراقي حيث رفضوا عدة تصاميم قدمتها بدون مقابل، إذ جاء على لسان المعمارية زها حديد أن النائب علي العلاق كان قد رفض تصاميم قدمتها، وذلك حسب ما جاء في مقابلة لها في مجلة دير شبيغل الألمانية.

والتزمت زها بالمدرسة التفكيكية التي تهتم بالنمط والأسلوب الحديث في التصميم، ونفذت 950 مشروعًا في 44 دولة.

 وتميزت أعمالها بالخيال، إذ تضع تصميماتها في خطوط حرة سائبة لا تحددها خطوط أفقية أو رأسية. كما تميزت أيضًا بالمتانة، حيث كانت تستخدم الحديد في تصاميمها. وتُعد مشاريع محطة إطفاء الحريق في ألمانيا عام 1993، مبنى متحف الفن الإيطالي في روما عام 2009 والأميركي في سينسياتي، جسر أبو ظبي، ومركز لندن للرياضات البحرية، والذي تم تخصيصه للألعاب الأولمبية التي أقيمت عام 2012، محطة الأنفاق في ستراسبورج، المركز الثقافي في أذربيجان، والمركز العلمي في ولسبورج، محطة البواخر في سالرينو، ومركز للتزحلق على الجليد في إنسبروك، ومركز حيدر علييف الثقافي في باكو عام 2013 من أبرز المشاريع التي أوصلت حديد بجدارة إلى الساحة العالمية.

ونالت زها العديد من الجوائز الرفيعة والميداليات والألقاب الشرفية في فنون العمارة، وكانت من أوائل النساء اللواتي نلن جائزة بريتزكر في الهندسة المعمارية عام 2004، وهي تعادل في قيمتها جائزة نوبل في الهندسة، وجائزة ستيرلينج في مناسبتين؛ وحازت وسام الإمبراطورية البريطانية والوسام الإمبراطوري الياباني عام 2012. وحازت على الميدالية الذهبية الملكية ضمن جائزة ريبا للفنون الهندسية عام 2016، لتصبح أول امرأة تحظى بها.

 وقد وصفَت بأنها أقوى مُهندسة في العالم، وكانت ترى أن مجال الهندسة المعمارية ليس حكرًا على الرجال فحسب، فقد حققت إنجازات عربية وعالمية، ولم تكتفِ بالتصاميم المعمارية فحسب بل صممت أيضًا الأثاث وصولًا بالأحذية، وحرصت أسماء عالمية مرموقة على التعاون مع حديد، ما جعل منتقدوها يطلقون عليها لقب ليدي جاجا في عالم الهندسة، وقد اختيرت كرابع أقوى امرأة في العالم عام 2010.

تُوفيت في 31 مارس/آذار عام 2016 عن عُمر ناهز 65 عامًا، إثر إصابتها بأزمة قلبية في إحدى مستشفيات ميامي في الولايات المتحدة، كما أعلن مكتبها في لندن، حيث قال:" بحزن كبير تؤكد شركة زها حديد للهندسة المعمارية أن زها تُوفيت بشكل مفاجىء في ميامي هذا الصباح، وكانت تعاني من التهاب رئوي أصيبت به مطلع الأسبوع وتعرضت لأزمة قلبية أثناء علاجها في المستشفى.