الرياض ـ رياض أحمد
حققت النساء السعوديات قفزات ماراثونية في الجانب المهني، ودخلن إلى بوابة العمل الصناعي في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت وظائف المصانع جاذبة ومستقطبة للسعوديات، بحيث بدأ
يشهد تنافسًا كبيرًا بين شركات القطاع الخاص .
وقد سيطر هذا التطور العملي على أجواء منتدى الحوار الاجتماعي الثالث الذي نظمته وزارة العمل السعودية في مدينة الخبر، وأكد على دعم وتحسين أوضاع النساء السعوديات العاملات في القطاع الخاص، وتحديدا داخل المصانع، بالنظر إلى النهضة الصناعية الكبرى التي تعيشها حاليا المرأة السعودية، مع فتح مجالات وظيفية جديدة لها في العمل الصناعي.
وتحدث عبد المحسن الغامدي، نائب الرئيس في شركة "الزامل" للاستثمار الصناعي، عن تجربة شركته في هذا الشأن، قائلا: "نسعى أن نكون من أوائل الشركات في تشجيع القطاع الصناعي على توظيف المواطنات السعوديات". ويتم حاليا التوسع في تشغيل العنصر النسائي في مصانعنا ليشمل الوظائف الإدارية وفي مجالات المحاسبة والتصميم الهندسي والموارد البشرية وتقنية المعلومات، مفيدا بأن البداية كانت بتوظيف 35 فتاة في مصنع شركته بداية عام 2012، ثم زاد العدد حتى اليوم.
وأشار الغامدي إلى التحديات التي تواجه المرأة في العمل الصناعي، بكونها تشمل "إيجاد المكان المناسب، تدريب العاملات الجدد، ساعات العمل، السياسات واللوائح الوظيفيةط، مؤكدا إيجاد حلول لها جميعا من خلال معالجتها بما يسهّل عمل المرأة، إلى جانب تقديم امتيازات وظيفية للنساء العاملات في المصانع، من ذلك صرف بدل السكن مقدما، صرف تذاكر سفر وقت الإجازة، تأمين صحي للموظفة وأبنائها والزوج.
من جهتها شيخة السديري مديرة إدارة المشاريع التنموية في جمعية "النهضة" النسائية في الرياض، أوضحت أن نحو 45 في المائة من الوظائف التي وفرتها الجمعية للسيدات تصب في إطار العمل المصنعي، قائلة: "في عام 2000 كان دورنا مقتصرا على الإشراف على الأقسام النسائية في المصانع والإشراف على تطبيق الاشتراطات المخصصة. لكن دورنا الآن في 2013 يتمثل في إيجاد فرص عمل مناسبة للسيدات وترشيحهن لجهات العمل الملتزمة بالأنظمة الحكومية، ومساعدة أصحاب العمل في تفعيل الفرص المقدمة للسيدات، ومشاركة أصحاب القرار تجاربنا واقتراحاتنا".
وتجدر الإشارة إلى أن توظيف النساء السعوديات في المصانع يحظى بدعم حكومي كبير ممثلا بوزارة العمل السعودية التي وضعت عدة اشتراطات لتنظيم هذا القطاع، بما في ذلك حظر توظيف المرأة في الأعمال الخطرة أو غير اللائقة، مثل العمل في الصرف الصحي، أعمال البناء، صناعة الإسفلت، صناعة المدابغ، صناعة المفرقعات، ورش السيارات والحدادة، مستودعات السماد، صناعة القصدير، وغيرها.
ويُمنع في المصانع السعودية أي تمييز في الأجور بين العاملين والعاملات عن الأعمال ذات القيمة المتساوية. في حين يُحظر على صاحب العمل تشغيل النساء في المصانع قبل الساعة السادسة صباحا أو بعد الساعة الخامسة مساءً، ولا يجوز تشغيل العاملة تشغيلا فعليا أكثر من ثماني ساعات في اليوم الواحد إذا اعتمد صاحب العمل المعيار اليومي، أو أكثر من ثمانٍ وأربعين ساعة في الأسبوع، إذا اعتمد المعيار الأسبوعي.
ويتزامن هذا الحراك الحكومي في دعم توظيف النساء السعوديات في المصانع مع ترقب تدشين 13 مدينة صناعية نسائية في السعودية خلال السبع سنوات المقبلة حتى عام 2020، التي من المنتظر أن تفتح باب العمل لمئات الفتيات السعوديات. ومن المنتظر أن تسهم هذه المصانع في تخفيض معدلات البطالة النسائية، وأن تعمل بدورها على رفع عجلة النهضة الصناعية في البلاد.
ومن الجدير بالذكر أن المدن الصناعية النسائية الجديدة من المخطط لها كذلك أن تتضمن مراكز خدمية جاذبة للسيدات، بحيث تضم حاضنة أطفال، ومركز تسوق، وناديا صحيا، ومطاعم ومقاهي، ومركز أعمال، ومسجدا، إلى جانب مبنى إداري وخدمي. وهي خطوات تؤسس لشراكة المرأة مع الرجل في العمل بشؤون الصناعة، بعد أن أصبح العمل في القطاع الصناعي جاذبا لنساء السعودية بصورة لافتة.