صورة للسيدة لوبان

منحت الضائقة الاقتصادية وازدراء الرئيس الفرنسي الاشتراكي فرانسوا هولاند، فرصة لتقدم السيدة ماريان لوبان ابنة جان ماري لوبان الذي أسس حزب "الجبهة الوطنية" اليميني عام 1972 والذي تديره حاليًا، فضلا عن انتصاراتها الملحوظة في الانتخابات الأوروبية والإقليمية. وعُرف الحزب بالقومية وكره الأجانب، فيما اعتُبر عنصريًا من قبل الغالبية. وأشارت الاستطلاعات قبل التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي إلى إمكانية فوزها بالجولة النهائية لإعادة انتخابات الرئاسة الفرنسية العام المقبل والفوز من الجولة الأولى للتصويت مباشرة. وشجع قرار بريطانيا السياسية الفرنسية على المطالبة بإجراء استفتاء مماثل على انسحاب فرنسا من الاتحاد الأوروبي. وأصبحت ابنة أخت الزعيمة الحالية ماريان لوبان الشابة الجميلة مارشيال لوبان في عمر 26 عاما بالفعل ظاهرة سياسية عندما انتخبت لمدة 4 سنوات للجمعية الوطنية وهو ما يعادل مجلس العموم في فرنسا، وأصبحت أصغر نائبة في التاريخ السياسي الحديث لبلادها وواحدة فقط من بين اثنين من ممثلي الجبهة الوطنية في البرلمان.

ويُعد إجراء مقابلة  من قبل صحفي بريطاني مع السياسية الفرنسية حدثا نادرا. وقد طلب المستشار الخاص للسياسية أرنود ستيفاني إجراء المقابلة بالفرنسية، وبدت ماريشال لوبان مثل نجوم الأفلام مفعمة بالشباب والحيوية، وحصلت لوبان على شهادتها في القانون العامة ، وفي حين أصبح الرئيس الفرنسي تعيسًا بسبب السخرية منه عند زيارته لعشيقته على دراجة بخارية رصد لوبان وهي تركب دراجة نارية رياضية من طراز "كاواساكي" بقوة 600 cc، وتقول لوبان "لست مهتمة للغاية بالتسوق لكني أحب ركوب الخيل والدراجة وأحافظ على حياة إمرأة في السادسة والعشرين ولدي العديد من الأصدقاء من خارج الوسط السياسي، ولا أحب الحياة الاصطناعية".

وتميل ماريشال لوبان نحو التقاليد المتشددة للحزب على عكس خالتها، وفي حين ترفض لوبان مزاعم جدها بأن غرف الغاز النارية كانت من تفاصيل الحرب العالمية الثانية إلا أن لديها وجهات نظر صارخة عن الإسلام والإرهاب، وعلى الرغم من التنوع الشكلي إلا أن عائلة لوبان تتوحد حول قضية واحدة. وأضافت لوبان " لقد أعطى قرار خروج بريطانيا الى أعضائنا أملا في خروج فرنسا، كما أنه أظهر إمكانية المغادرة دون كارثة وفقا لتحذيرات  المعارضين، وستجني بريطانيا فوائد من خروجها وهو ما يجعل الطريق مفتوحا أمام فرنسا، وأعتقد أن الخروج سيحدث بالفعل إذا انتُخبت ماريان لوبان". ومن المتوقع أن تسمع بريطانيا الكثير من ماريشال لوبان التي ينظر اليها المؤيدون باعتبارها الأمل القادم للرئاسة. وأوضحت السياسية الكاثوليكية أنها تعارض زواج المثليين وتدعم تخفيضات ميزانية مراكز تنظيم الأسرة.

وعلقت لوبان بشأن حادث "نيس" في "يوم الباستيل" الذي راح ضحيته أكثر من 80 شخصا " إما أن نقتل الإسلاميين أو أنهم سيقتلونا مرارًا وتكرارًا، إما أن تكون معنا ضد الإسلاميين أو مع الإسلاميين وضدنا، وأولئك الذين يختارون الوضع الراهن يصبحون متواطئين مع أعدائنا"، وعلى الرغم من عدم وجود  أدلة على صلة مهاجم "نيس" بالإسلام المتطرف إلا أنه من الواضح أن الهجوم شدد الحرب التي شنتها لوبان ربما منذ الطفولة.

ونشأت الشابة في قصر لوبان غرب باريس، وتخلى عنها والدها الحقيقي وهو الصحفي والدبلوماسي الراحل روجر أكو، وتربت لوبان على يد والدتها يان وخالتها ماريان، وأضافت لوبان " أفرق بين القتال السياسي وبين الدين ولا أخلط أبدا بين الإثنين، لدينا تراث إيماني مرتبط بالعلمانية وسوف أدافع عن ذلك، إنها معاكس تماما للعقيدة الإسلامية الراديكالية التي تسعى إلى فرض نفسها على الحياة العامة، لقد عاصرت الواقع، حيث وقعت هجمات "باتكلات" في باريس في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي من قبل الإرهابيين الذين تسللوا ضمن طوفان المهاجرين القادمين من اليونان. وتعد قواعد حرية الحركة وسيلة لتغذية الإرهاب حيث ساهمت سياسة الهجرة في فرنسا إلى انفجار الإسلام الراديكالي فضلا عن نشأة الإرهابيين الذين ولدوا في فرنسا".

وبينت لوبان دعمها للمرشح الرئاسي الأميركي دونالد ترامب قائلا " إنه غريب الأطوار بعض الشيء ولا أتفق مع كل ما يقوله ولكني مندهشة من تقديمه في صورة الرجل المجنون والأحمق، في حين أنه يستجب الى آمال الناس"، وعند سؤال لوبان عما إذا كانت صرحت من قبل أن المسلمين يحتلون مرتبة أدنى من الكاثوليك أجابت "لا ليس بالضبط ولكن قلت أن الإسلام لا يجب أن يحظى بنفس المساحة العامة مثل الكاثوليكية، لدينا عادات وتقاليد وتأثيرات ثقافية مسيحية، فرنسا ليست بلد إسلامي ولا يجب أن يكون الإسلام في نفس المساحة في الحياة العامة".

وتابعت لوبان " تعرضت العائلة الى وسائل الاعلام بشكل كبير وأعارض ذلك، ولدينا التزام سياسي لا نهرب منه إنه مفروض علينا منذ الطفولة، ويصفنا أعداؤنا بكوننا عنصريين ومعاديين للسامية، ولكن دعنا نقول أننا عائلة خاصة جدا"، وفي يوليو/ تموز 2014 تزوجت ماريشال لوبان من ماثيو ديكوس وهو رئيس شركة ضيافة حاليا والذي لفت انتباهها عندما خاض الانتخابات لفترة وجيزة دون جدوى، وولدت ابنتهما أوليمب بعد 3 أشهر من الزفاف، وتقول لوبان " لدينا خلفية نسوية جدا في عائلتنا، حيث دفع جدي ابنته للعمل باجتهاد، وكانت نصيحته ألا تعتمد على رجل مطلقا وكان على حق، وعملنا حينها جميعا والحياة السياسية صعبة للغاية للجمع مع الحياة الشخصية، واشعر أن لديّ اثنين من الواجبات الوطنية الأول هو الدفاع عن استقلال وسيادة بلدي، والأخر إنتاج الأطفال لنقل تلك الرسالة"، وبينت لوبان أنها ترغب في الحصول على 3 أطفال مضيفة " لا أريد أن تبقى ابنتي طفلة وحيدة، وعندما أكون في المنزل في باريس أضع هاتفي في وضع الطائرة وأكرس كل ما لدي من وقت لابنتي، ولكن لسوء الحظ لا يمكنني لعب دور الأم بدوام كامل، ولكن هناك كلمة تقولها ماريان: يوما ما سأخبر أولادي أن يطلبوا العفو مني لأن كل وقت لم أقضيه معهم بل قضيته من أجلهم".

وكانت طفولة ماريشال لوبان مميزة على الرغم من أن النشأة في عائلة جان ماري لوبان لم تكن مفروشة بالورود، حيث قالت لوبان "إن غياب والدها وحضور زوج والدتها كان من أسباب كفاحي من أجل حقوق الأطفال للحصول على أب وأم، وذلك لأنني عانيت من ذلك، وأعتقد أنني لم أكن لأقاتل بنفس الطريقة دون خلفيتي الخاصة"، وتعارض لوبان زواج المثليين زاعمة أنه يفتح الباب لتعدد الزوجات مضيفة " مجرد كسر الإطار الطبيعي لعلاقة الرجل بالمرأة سيكون هناك أقليات يريدون أن تعترف الدولة بحبهم وفي حالة إقرار المثلية في الزواج لماذا لا تتعدد الزوجات، ولذلك أنا ضد تبني المثلية الجنسية، وأعتقد أنه من المهم أن يكون للطفل أب وأم وأن الآباء ليسوا قابلين للتعديل، وأنا أتأثر كثيرا بفكرة أن زوجي يقضي وقتا مع ابنتنا ويقوم بدوره كأب".

وتقول لوبان عن زوجها " إنني معجبة بخلفيته المتواضعة كما أنني نشأت على قدر كبير من التواصل مع الأشخاص العاديين إلا أن زوجي جاء من كادر مختلف تماما، إنه حقا نموذج للمسعى الفرنسي" إلا أن هناك شائعات في زوايا باريس بشأن تعثر زواج لوبان إلا أنه يمنع النشر بموجب القانون الفرنسي للطلاق، وعندما سُئل مستشارها ستيفان عما إذا كان الزواج سليما صمت طويلا وأجاب " لا يوجد طلاق ولكن الأزواج لديهم مشاكل في بعض الأحيان"، ولم يمضِ وقت طويل حتى ظهرت تقارير على الأنترنت تتحدث عن تفكك الأسرة، وعندما سُئلت لوبان عما إذا كانت تعارض الطلاق أجابت " بالطبع لا، أدافع عن حق الأطفال في الحصول على إطار أسري ولكن بطبيعة الحال الناس أحرار في الطلاق ولست في موضع حكم هنا".

وتزوج جد لوبان مرتين كما أن ماريان طلقت مرتين ولا يعد ذلك أمرا غير عاديا لكنه من المفارقات في عائلة تتشبث بقيم وتقاليد الأسرة، وسُئلت لوبان عما تقول لمن يتهمونها ببيع الخوف والانقسام الاجتماعي والعنصرية، فقالت " أنا أدافع عن الثقافة الفرنسية وأريد أن تبقى فرنسا وفية للمثل، فعندما تكون في روما افعل كما يفعل الرومان، ولا أريد ثقافة مستوردة من أماكن أخرى، وهذه ليست رؤية عائلتي ولا علاقة لها بلون البشرة"، وتعتقد لوبان مثل نيغل فراغ الذي تعجب به، أن البقاء في الاتحاد الأوروبي قد يدفع بالمزيد من الهجمات الجنسية على النساء من قبل المهاجرين الجدد، مضيفة " يصل هؤلاء الناس بلغات مختلفة وثقافة مختلفة ودون تعليم وبنفس الطريقة بشأن حقوق المرأة".

وفي حين تثير مثل هذه التصريحات الغضب في بريطانيا إلا أن لوبان زعمت أن فرنسا لديها تسامح في وجهات النظر السياسية، مضيفة " لا أعاني من كراهية النساء وحزبنا تقوده إمرأة وفي فرنسا لدينا ثقافة الشهامة وسلوك مهذب، وعندما انتخب للمرة الأولى رفض نصف النواب الاعتراف بي، واعتُبر ذلك تصرفًا سيئا للغاية من قبل الناس في فرنسا، ولكني لا ألعب على كوني إمرأة وصغيرة سنا، وأكره عندما يلعب الناس دور الضحية"، وعلقت لوبان عن مقارنتها بجان دارك " إنها مجاملة جميلة جدا أن أقارن بجان دارك إنها إمرأة وطنية عظيمة فقط لا أتمنى أن أنتهي بنفس مصيرها"، وتعتقد لوبان أنها وحزب "الجبهة الوطنية" يمكن أن تصعد من خلال رماد الانهيار السياسي، إلا أن الأمر متروك للناخبين الفرنسيين لتقرير ما إذا كانت لوبان محقة، ويجدر الإشارة إلى ملاحظة لوبان بشأن فكرة خروج بريطانيا والتي ترغب في أن تتبع خطاها.