واشنطن - رولا عيسى
ذكر وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن فوضى الانتخابات الأميركية لرئاسة البيت الأبيض للعام 2016 تتسبب في إحراج البلاد، على خلفية معاداة المرشحين للمسلمين بما يصعِّد من مخاوف زعماء العالم، ملمّحًا بوضوح إلى المقترحات المثيرة للجدل من قِبل المرشحين المتنافسين داخل الحزب الجمهوري.
وأوضح كيري خلال حديث تلفزيوني أنه من الإنصاف القول إن قادة العالم تنتابهم حالة من الصدمة، وأن ما يحدث يتسبب في إحراج الولايات المتحدة، ولم يتطرق إلى الحديث بالتحديد عن أي المرشحين أو التصريحات التي جاءت في غير محلها وأدت إلى إحراج الولايات المتحدة، إلا أنه كان يلمح بوضوح إلى المقترحات المثيرة للجدل من المرشحين المتنافسين داخل الحزب الجمهوري.
واقترح عضو مجلس الشيوخ عن ولاية تكساس، تيد كروز، إرسال الشرطة من أجل مراقبة وتأمين أحياء المسلمين، كما أحاط نفسه بمجموعة من المستشارين الذين أطلق عليهم الخبراء وصف "مروعين" في القضايا المتعلقة بالحقوق المدنية، في حين سخرت المقترحات المقدمة من مجموعة واسعة من المسؤولين، بما فيهم مفوض شرطة نيويورك بيل براتون، والذي قال إنه يتضح من التصريحات، أن السيناتور كروز لا يعرف شيئاً على الإطلاق عن مكافحة التطرف في مدينة نيويورك.
أما دونالد ترامب فقد اقترح حظراً مؤقتًا على المسلمين من دخول الولايات المتحدة، وقال إنه سيأمر الجيش بتعذيب السجناء واستهداف عائلات المتهمين بالتطرف، في مخالفة للقانون الدولي، كما لم يستبعد إقامة معسكرات لاعتقال الأميركيين من المسلمين، بما يؤكد مدى التطرف الذي أصبحت عليه الحملة، ودافع كروز عن اقتراحه قائلاً إن دوريات الشرطة ستكون استباقية في إنفاذ القانون، مشيراً خلال حديثه إلى "فوكس نيوز" إلى أنه لا يمكن أن تصبح أميركا مثل أوروبا في تطبيق سياسات فاشلة للهجرة والسماح بالسير على نهج أحكام الشريعة، ومؤكدًا ضرورة مكافحة الإسلام على المستويات كافة.
ورسم نجم تلفزيون الواقع صورة لعالم خطير في أعقاب الهجمات القاتلة في بلجيكا، قائلاً إنه لا يعتقد كون أميركا بمنأى عن مثل هذه الهجمات الدامية، كما أخبر موقع "إيه بي سي" خلال مقابلة هاتفية أنه لا يعتقد أن أوروبا تعد مكاناً آمناً، بعدما باتت الكثير من دول العالم المتحررة ضعيفة، وأضاف ترامب أنه ومن أجل مكافحة التطرف، فإنه يتوجب على المسلمين الإبلاغ عن الأعمال السيئة، وخلافاَ لما ذكره ترامب بأن المجتمع الأميركي المسلم لا يقوم بفعل ما يكفي من أجل مواجهة التطرف، فقد وجدت دراسة أجرتها جامعة ديوك العام 2014 أن الأميركيين من المسلمين يرشدون جهات إنفاذ القانون إلى المشتبه بهم أكثر من التحقيقات الحكومية.
كما اقترح ترامب أن الولايات المتحدة وأوروبا في حاجة إلى الإصلاح بشكلٍ كامل لأنظمة الأمن وحلف الناتو، الذي وحد بينهم لأكثر من نصف قرن، مشيراً إلى أن حلف شمال الأطلسي قد عفا عليه الزمن ولا يناقش التطرف، وقال المرشح الثالث عن الحزب الجمهوري، شون كاسيتش، حاكم ولاية أوهايو إن حلف شمال الأطلسي ينبغي إصلاحه، ولكنه شدد على أن أفكار منافسيه غير منتجة حيث يرى ضرورة مشاركة أصدقاء الولايات المتحدة من المجتمع العربي المسلم في الوصول إلى حل.
وأوضح الرئيس الجمهوري للجنة الأمن الداخلي، السيناتور رون جونسون، أنه لا توجد تهديدات ذات مصداقية بعمليات متطرفة في الولايات المتحدة، ولكنه دعا إلى إشراك قوات برية للتدخل في سورية، وفي المقابل دعا المرشحان عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون وبيرني ساندرز الدول الأوروبية إلى تحسين نظم تبادل المعلومات الاستخباراتية.
وفي وقتٍ سابق من هذا الأسبوع، أصدرت وزارة الخارجية تحذيراً غير عادي للأميركيين في أوروبا عقب هجمات بروكسل، والتي قتل فيها اثنان من الأميركيين على الأقل، وحث كيري الهدوء، قائلاً إن الناس لا يجب أن تعيش في خوف، ولكن ذلك لا يعني أن تكون غافلة عما يدور حولها، وأضاف أنه يتعين على المسافرين الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة، مثل ارتداء رجال قفازات واحدة واستخدام حقائب كبيرة، على غرار الرجال المسؤولين عن الهجمات في بروكسل، كما دافع وزير الخارجية عن سلوك الرئيس الأميركي باراك أوباما في أعقاب الهجمات التي وقعت بينما كان في زيارة دبلوماسية لكوبا هي الأولى لرئيس أميركي منذ العام 1928، بعدما اتجه إلى حضور مباراة في رياضة البيسبول بعد وقوع الهجمات، وأكد كيري أن الحياة لا تتوقف بسبب حادث مروع.