واشنطن ـ يوسف مكي
اتصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الثلاثاء، وذلك لتهنئته بالفوز الساحق في الانتخابات الروسية، وإعادة انتخابه لولاية رابعة، وقال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض "اتصلت بالرئيس بوتين وهنأته على فوزه"، في إشارة إلى فوز بوتين بنسبة 77% من الأصوات.
وكشف ترامب في المكتب البيضاوي، خلال لقائه مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أنّه "سنجتمع على الأرجح في المستقبل غير البعيد"، وصرحت سارة ساندرز، السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، للصحافيين بعد بضع ساعات بأنه "لا توجد خطط محددة في هذا الوقت لعقد اجتماع مع بوتين"، وأصدر السيناتور الجمهوري عن ولاية أريزونا جون ماكين بيانًا اتهم فيه ترامب بـ "تهنئة الدكتاتوريين على الفوز بانتخابات مخزية"، معلّقًا "من خلال القيام بذلك مع فلاديمير بوتين، أهان الرئيس ترامب كل مواطن روسي حُرم من حقه في التصويت في انتخابات حرة ونزيهة لتحديد مستقبل بلدهم، بما في ذلك الوطنيون الروس اللذين خاطروا بالكثير للاحتجاج، ومقاومة نظام بوتين ".
ورفضت ساندرز التعليق، كما أنها لم تقل ما إذا كان ترامب يوافق على إعادة انتخاب بوتين، قائلة "نحن لا نتفق مع حقيقة أنه لا ينبغي لنا إجراء محادثات مع روسيا، فهناك مواضيع مهمة يجب أن نكون قادرين على مناقشتها"، وقدم كل من الرئيس ومكتب الصحافة في البيت الأبيض تأكيدا رسميا على الاتصال، بعد يوم من رفض البيت الأبيض وصف الانتخابات بأنها حرة ونزيهة، وذهب ساندرز أبعد من ذلك يوم الثلاثاء، قائلة إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تضغط على أي دولة أخرى لاختيار قادتها بطريقة أكثر ديمقراطية، مضيفة "لا يمكننا أن نفرض كيف تعمل الدول الأخرى، ما نعرفه هو أن بوتين قد تم انتخابه في بلده، وهذا ليس شيئًا يمكننا أن نمليه عليهم، أوكيف يعملون، يمكننا فقط التركيز على حرية ونزاهة انتخاباتنا".
وأوضح المكتب الصحافي أنّ "الرئيس ترامب هنأ بوتين على إعادة انتخابه في 18 مارس/ آذار"، ووصف ترامب المحادثة بأنها "مكالمة جيدة للغاية"، قائلا إن الزعيمين من المرجح أن يناقشان "سباق التسلح" الذي وصفه بأنه "خارج عن السيطرة"، مضيفا "لن نسمح أبدا لأي شخص أن يكون لديه أي شيء قريب من ما لدينا".
وكشف بوتين، في وقت سابق من هذا الشهر، عن أن روسيا لديها صاروخ جديد يمكنه "الوصول إلى أي نقطة في العالم"، تفاخر بوتين بالصاروخ خلال خطابه عن حالة الاتحاد، قائلا في أول مارس/ آذار "يمكن أن يهاجم أي هدف في القطب الشمالي أو الجنوبي وهو سلاح قوي ولن يكون بمقدور نظام دفاع صاروخي الصمود أمامه، ويمكن أن يصل إلى أي نقطة في العالم"، وقال ترامب إنه وبوتين سيبحثان أيضا قضايا أوكرانيا وسورية وكوريا الشمالية.
وفاز بوتين في الانتخابات بحصوله على حوالي 77% من الأصوات، وهو الأمر الذي ترفضه الدول الغربية حيث ترى أن الانتخابات غير نزيهة، وصرح نائب السكرتير الصحافي للبيت الأبيض هوغان غيدلي، للصحافيين على متن طائرة الرئاسة الأميركية اليوم الاثنين بأنه "لا يوجد اتصال هاتفي محدد بين الزعيمين"، واصطفت الدكتاتوريات والحكومات الاستبدادية الأخرى لتعزيز غرور بوتين بعد فوزه، بما في ذلك قادة الصين وفنزويلا وروسيا البيضاء وكازاخستان وإيران، وجميع الحلفاء الروس.
ويعود صمت بقية العالم المتحضر في جزء منه إلى التوترات المتعلقة بتسمم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته في سيالسبوري، إنجلترا، وألقت بريطانيا باللوم على روسيا بتنفيذ محاولة الاغتيال، وكذلك اتهمتها إدارة ترامب، وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحافيين إن عدم اتصال ترامب ببوتين لم يُنظر إليه على أنه "خطوة غير ودية"، فالبعض لا يستطيع الاتصال به بسبب جدوله الزمني، وبالتالي لا حاجة للتهويل.
وردا على سؤال عن ما إذا كان ترامب يعتقد أن الانتخابات الروسية كانت "حرة ونزيهة"، رد غادلي قائلا "نحن لسنا متفاجئين بالنتيجة"، وبذل غيدلي جهدا لإصراره على أن الإدارة تعمل على تنمية العلاقة التي نقيمها مع روسيا، ومن الواضح أننا سنفرض غرامات عندما تهدد روسيا مصالحنا"، وشابت الانتخابات الروسية ما اعتبره بعض المراقبين الدوليين غشا متفشيا، وبحسب ما ورد أُبُعد العديد من المراقبين عن مراكز الاقتراع، وكانت هناك تقارير عن التلاعب في صناديق الاقتراع، ولم يُسمح لزعيم المعارضة ألكسي نافالني، بإدارة عملية المراقبة بسبب إدانته جنائيًا، وهو الأمر الذي يعتقد مؤيدوه أنه له دوافع سياسية، ولقد كان من المعتاد لرؤساء الولايات المتحدة أن يتصلوا بوتين بعد كل انتصاراته الانتخابية، لكن ترامب ربما يكون قد اقترب من المهمة بحذر، حيث يخضع إلى التحقيق من قبل محامي خاص ولجنة في مجلس الشيوخ بسبب مزاعم غير مثبتة بأن حملته الرئاسية تواطأت مع الروس للتدخل في نتائج انتخابات عام 2016 في الولايات المتحدة، ورفض ترامب والمتحدثون باسمه مهمة التحقيق مرارا وتكرارا، وأرسل الرئيس إشارات مفادها أن وجود علاقة أوثق مع موسكو سيكون في مصلحة أميركا بشكل عام.