واشنطن ـ يوسف مكي
قضى الرئيس العراقي الراحل صدام حسين أيامه الأخيرة في تناول الكعك، والاستماع إلى المُغنية الأميركية ماري جي بليج في الإذاعة والاهتمام بحديقة سجنه في بغداد. وكشف أحد الحراس السجن عن أنه يُجيد العناية بالنباتات ويعشق المغنية الأميركية بليج وخصوصًا الأغاني "الأسرية". وكان صدام يحب ركوب دراجة تدريب وصفها بـ "المهر" بينما كان ينتظر المحاكمة لإصدار أمر بإعدام 148 من المعارضين. وكان رجل ذواق يُحب تناول الكعك والحلويات، وكان يضحك مثل الكونت في برنامج الأطفال التلفزيوني شارع السمسم.
وقد أُعدم صدام، الذي حكم العراق بقبضة من حديد على مدى ثلاثة عقود، عام 2006، بعد الغزو الأميركي للعراق. وبينما كان ينتظر المحاكمة في بغداد كانت تراقبه مجموعة من الجنود الأميركيين من شركة551 الشرطة العسكرية، وكان عددهم 12 جنديًا مكلفين فقط بمراقبته. وكان من بينهم ويل باردنويربر، الذي يتحدث في كتابه الجديد "السجين في قصره: صدام حسين وحراسه الأميركيون" عن أن صدام كان مهذبُا لا يتزعزع، في تناقض مع ماضيه القاتل.
وقد فاجأ الدكتاتور السابق الحراس من خلال حبه للملذات بسيطة، والاستمتاع ببعض الوقت في زنزانته. وقد احب الرئيس الراحل الذي كان يستخدم مراحيض مطلية بالذهب في قصوره مجرد الجلوس خارج زنزانته على كرسي في الفناء أو الكتابة في مكتبه تحت العلم العراقي الذى علقه حراسه على الحائط. وكان صدام يحب أن يدخن سيجارًا كوبيًا، كان يخزنها في علبة فارغة من المناديل المبللة. وقبل سنوات كان فيدل كاسترو قد علمه كيفية تدخينها.
وكان دائمًا يستمع إلى الراديو ويتوقف دائما عن ضبطه إذا تعثر في إيجاد أغنية لماري جي بليج. ويرى باردنويربر أن صدام أحب حديقة السجن المكشوفة وكان "يعاملها أكثر مما لو كانت زهور جميلة". وقال باردنويربر إن صدام كان دقيقا في طعامه أيضا. وكان يأكل وجبة الإفطار على أقسام، أولا عجة، ثم الكعك، تليها الفاكهة الطازجة. وإذا كانت العجة "ممزقة" قال انه كان يرفض ذلك. ومع مرور الوقت، طور صدام صداقة مع حراسه الذين تبادلوا معه قصصًا عن أسرهم.
وفي حين تحدث الأميركيون عن أطفالهم بعد يومهم الأول في المدرسة، تحدث صدام عن الوقت الذي ارتكب فيه عدي "خطأ فظيعا" وترك والده "غاضبًا جدًا". وقد قتل عدي الذي كان معروفا انه كان يعاني من اضطرابات نفسية، مما اسفر عن مقتل عدد من الأشخاص وإصابة عدد أخر بجروح من بينهم الأخ غير الشقيق لصدام. وقال صدام لحراسه: "كنت غاضبا جدا لذلك أحرقت كل سياراته"، مشيرا إلى مجموعة ابنه الواسعة من سيارات "رولز رويس"، و"فيراري" و"بورش".
وفي الكتاب اعترف الجندي الأميركي بأن سلوك صدام كان يمكن أن يكون كله مُصطنعًا، أو كان يمكن أن يكون "علاقة إنسانية حقيقية" - لكنه لم يكن قادرا على تحديد ذلك. ولعل الجانب الأكثر إثارة للدهشة من الكتاب هو أن الجنود الأميركيين حزنوا عليه عندما أعدم، على الرغم من أنه كان العدو اللدود للولايات المتحدة. وبعد إعدام صدام أُخرج من غرفة الإعدام حيث بدأ حشد من الناس يبصقون على جسده وضربوه. ويرى باردنويربر أن الحراس الأميركيين ال 12 الذين أمضوا شهورا يراقبونه كانوا فزعين.
ويقول الكتاب إن أحدهم حاول أن يُغير على الحشد، ولكنه مُنع من قبل زملائه. والسبب هو أن صدام أصبح قريبا جدا من الحراس الذين اعتبروه شخصية طيبة. كما قال صدام لأحد حراسه أنه سيدفع ثمن تعليمه الجامعي إذا تمكن من الحصول على المال.