واشنطن ـ يوسف مكي
تمكَّن الرئيس الاميركي دونالد ترامب من إسكات رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، في أقل من 140 حرفًا. حيث لم يتمكن السيناتور الجمهوري بوب كوركر، من ولاية "تينيسي"، من إخفاء عدم تصديقه عندما أبلغه الصحفيون في "الكابيتول هيل" مقر مجلس الشيوخ، بتعليقات اتهم فيها ترامب قطر، حليفة الولايات المتحدة المقربة، بأنها دولة راعية للإرهاب. وسأل كوركر: "هل قال الرئيس ذلك؟ ولم يصدق حتى قرأ التغريدة من على الهاتف المحمول لاحد المراسلين. وعندما كان كوركر، الذي كان في قائمة المرشحين ليكون وزير خارجية في حكومة ترامب، يسعى إلى التأكيد على التقليد الأميركي للعمل مع جميع حلفائه في دول الخليج، اتسمت كلماته بلحظات صمت مطولة.
ومنذ توليه منصبه في يناير/كانون الثاني الماضي، فاجأ ترامب المراقبين على حد سواء في الداخل والخارج بعدم التزامه بمعايير السياسة الخارجية الأميركية والنهج غير التقليدي للعلاقات مع الحلفاء والأعداء على حد سواء. ولكن الأسابيع الأخيرة أكدت، حتى وفقًا للبعض من داخل حزبه، التداعيات المحتملة لخطاب الرئيس المفاجئ والتحولات المفاجئة في السياسة.
ورفض ترامب خلال زيارته الخارجية الأولى كرئيس تأكيد التزام الولايات المتحدة بقانون حلف شمال الأطلسي "الناتو" الخامس، وهو مبدأ الدفاع المشترك، وتجاهل مطالبات الحلفاء في قمة مجموعة السبع في صقلية من خلال الانسحاب من اتفاق باريس المناخي عقب عودته إلى واشنطن. وبعد ذلك، رد على الهجوم الإرهابي على "جسر لندن" بتغريدات مهاجمًا عمدة المدينة صادق خان، ونقل تصريحاته بطريقة خاطئة، ويبدو أنه اعترف بقرار المملكة العربية السعودية لعزل دولة قطر، التي تضم جيشًا أميركيًا كبيرًا وقاعدة قوامها 10 آلاف جندي.
وقال جيف فليك، وهو من الجمهوريين في ولاية "اريزونا" وعضو في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، "لقد قلت عدة مرات، سيكون من الأسهل إذا يُغرد ترامب كثيرا. فمن حيث السياسة الخارجية، سيكون لذلك عواقب وخيمة". وتسبب توجيه انتقادات ترامب العامة إلى صادق خان بعد اقل من 24 ساعة على مقتل ثلاثة أشخاص وأصابة عشرات أخرين بجروح في لندن الأسبوع الماضي، في موجة انتقادات من السياسيين. استخدم ترامب الهجمات في الدفاع عن قراره المثير للجدل لحظر السفر على اللاجئين والمهاجرين من العديد من الدول ذات الأغلبية المسلمة.
وكان السيناتور جون ماكين، وهو جمهوري بارز في السياسة الخارجية، قد انزعج بشكلٍ واضحٍ عندما سألته صحيفة "الغارديان" ما هي الرسالة التي بعث بها ترامب إلى المملكة المتحدة، وهي أكثر الحلفاء للولايات المتحدة، فقال ماكين "انهم غير متأكدين من القيادة الأميركية". وردا على سؤال حول ما إذا كان موقف الولايات المتحدة على الساحة العالمية افضل في ظل باراك أوباما، قال ماكين، وهو ناقد حاسم للسياسة الخارجية للإدارة السابقة، "نعم، في ما يتعلق بالقيادة الأميركية، نعم".
وقد استقبل المدافعون عن ترامب نهجه الحر تجاه السياسة الخارجية على أنه نتاج السذاجة السياسية وعلى النحو التالي من خلال منصة "أميركا الأولى" التي قام بحملتها. لكن دانيال تشيروت، أستاذ الدراسات الدولية في جامعة واشنطن، قال إن تصرفات ترامب تشير إلى "انسحاب الولايات المتحدة من دورها في العالم". وأضاف أنَّ "أميركا أولاً" قد يكون شعارًا جذابًا ولكنَّه لا يعني شيئًا عمليًا.