أنقرة - جلال فواز
أعلن رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو عن تقديمه للإستقالة بعد 20 شهرًا من توليه المنصب، مع إحكام الرئيس رجب طيب أردوغان أكثر على السلطة، وزيادة صلاحياته بما يجعله زعيم سياسي لا مثيل له في تركيا، مما يثير المخاوف بشكل متزايد من التحول إلى نظام إستبدادي, وتأتي الإستقالة بعد تردد شائعات على مدار عدة أيام وسط تدهور العلاقات بين الزعيمين، بما يمهد الطريق للرئيس أردوغان نحو تعيين أكثر أعضاء الحزب الموالين له خلفًا لداوود أوغلو، وهي الخطوة التي أطلق عليها إسم "إنقلاب القصر" من قبل النقاد السياسيين والمعارضين.
وأوضح أوغلو من داخل مقر حزب العدالة والتنمية في أنقرة بأنه سوف يتخلى عن منصبه بعد إجتماع الحزب الغير عادي في 22 أيار/ مايو، مع عدم العودة إلى منصبه مرةً أخرى, مضيفاً بأن قراره يأتي عقب مشاورات مع الرئيس، بحيث سوف يكون من الأفضل لوحدة (حزب العدالة والتنمية ) تغيير الرئيس، مؤكدًا على أن الفترة التي قضاها في المنصب كانت ناجحة وليس لديه شعور بالفشل أو الندم نتيجة إتخاذ ذلك القرار، وسوف يواصل النضال داخل الحزب بإعتباره المشرع.
وجاء الإعلان بعد يومٍ واحد من المحادثات المكثفة التي دارت ما بين أردوغان و داوود أوغلو والتي لم يستطع خلالها الثنائي تذليل الخلافات التي بدأت تتصاعد بعد فترة وجيزة من تولي داوود أوغلو منصب رئيس الوزراء بدلاً من أردوغان في آب/أغسطس من عام 2014 ولكن هذه الخلافات إشتدت في الآونة الأخيرة.
وإتهم أحد الصحفيين على ما يبدو ممن تربطهم علاقة وطيدة مع أردوغان تآمر رئيس الوزراء مع أعداء تركيـا وقوى الغرب من أجل تهميش دور الرئيس, إلَّا أن داوود أوغلو إمتنع يوم الخميس عن إنتقاد اردوغان، مؤكداً على أنه لن يقبل بأي تكهنات تتناول الحديث عن علاقته بالرئيس أردوغان، فقد وقفوا دومًا إلى جانب بعضهم البعض.
وكان من المتوقع بأن يلعب داوود أوغلو دورًا ثانويًا كرئيساً للوزراء بعد مضي أردوغان قدماً نحو خطط لتحويل منصب الرئاسة من شرفي إلى منصب تنفيذي له صلاحيات كاملة، ولكن رئيس الوزراء حاول البت بشكلٍ مستقل في مجموعة من القضايـا, ومن ثم فإن خروجه من المنصب يمهد الطريق لأردوغان في إختيار المزيد من الموالين لتقلد مناصب في الحكومة وتمرير التعديلات الدستورية المثيرة للجدل لتعزيز صلاحياته كرئيسًا للبلاد.
ووصف ليفنت غولتكين الموقف بالكارثي وخطوة حاسمة نحو حكم الفرد في تركيـا ولن يبقى في الصورة سوى رجب طيب اردوغان, وأضاف غولتكين بأن زعيم الحزب ورئيس الوزراء المقبل سوف يكون شخص ما " لا يحمل وجهات نظر أو آراءٍ خاصة به ".
ووردت أسماء وزير العدل بكير بوزداغ و وزير النقل بينالي يلديريم وكذلك المتحدث بإسم الحكومة نعمان كورتولموش المعروف ولائهم لأردوغان من المحتمل تولي أحدهم منصب رئيس الوزراء خلفاً لداوود أوغلو, وحتى بيرات البيرق وزير الطاقة وصهر أردوغان، فقد كان من بين المنافسين على تولي المنصب.
وأكد غولتكين على أن داود أوغلو لم يكن يتمتع بالمساندة الكافية سواء داخل حزب العدالة والتنمية أو وسط الناخبين في تركيا من أجل تحدي أردوغان، وهو ما كان أحد الأسباب التي جاء فيها إختياره كرئيساً للوزراء من جانب اردوغان، في ظل إحتياجه إلى أصوات كافة النواب داخل حزب العدالة والتنمية من أجل تحقيق أهدافه.
وعلي الرغم من أن الخلاف بين الزعيمين لم يكن واضحاً للجميع، مع ظهور داوود أوغلو متفق إلى حد كبير مع اردوغان، إلا أن كلاهما إختلف مع الآخر بشأن قضايا رئيسية بما فيها إدارة الإقتصاد وإمكانية إستئناف محادثات السلام مع حزب العمال الكردستاني المحظور ( PKK ) الذي يعارضه اردوغان بشده.
كما إختلف الثنائي أيضاً على إيداع الأكاديميين و الصحفيين في السجن قبل محاكمتهم بعد معارضة داوود أوغلو. كما سارع أوغلو إلى إبرام إتفاق مع الإتحاد الأوروبي لوقف تدفق اللاجئين عبر بحر إيجه، وهي القضية التي لم يعيرها الرئيس الكثير من الإهتمام. فيما ظهرت واحدة من هذه الخلافات الكبيرة عندما إقترح داوود أوغلو إستفتاء شعبي على تشريع يهدف إلى التصدي للفساد ويعرف بإسم " حزمة الشفافية "، إلا أن تورط اردوغان وقت أن كان رئيساً للوزراء في فضيحة فساد شارك فيها العديد من المسؤولين في الحكومة وكذلك أسرته أحالت دون تمرير مشروع القانون.
وأشار غولتكين إلى أن اردوغان لا يريد وجود من يعارضه داخل حزب العدالة والتنمية ، أو أن يكون لدى أحد الأشخاص رأيه الخاص، في الوقت الذي كان فيه داوود أوغلو واحدًا من آخر السياسيين في الحزب ممن يقدموا إقتراحات لتغيير سياسات اردوغان. وتصاعدت حدة الخلاف بين الزعيمين خلال الأسبوع الماضي بحسب ما تناقلته الشائعات، وذلك عندما جرد المجلس التنفيذي لحزب العدالة والتنمية داوود أوغلو من سلطته في تعيين قادة الحزب في المحافظات بينما كان في زيارة إلى حكومة قطر.