واشنطن - يوسف مكي
جلس الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في كرسي مِن الجلد باللون الخمري، يُحيط به اثنان مِن أكثر مساعديه إخلاصا هما مايك بنس وكريستجين نيلسون، وكان مايك بنس يرتدي بدلة رمادية وربطة عنق حمراء، وكريستجين نيللسون ترتدي زيا أزرق غامق، واستلمت السكرتيرة الصحافية سارة ساندرز يدها على أريكة في وسط المكتب البيضاوي، وتعبيراتهم جميعا كانت خطيرة ومثيرة للفضول.
واضطرّ ترامب إلى التراجع عن قراراته أخيرا أمام براءة الأطفال، ويوقع شروط الاستسلام وهو الرجل الذي أعلن ذات مرة أنه يمكن أن يقف في وسط ميدان ويطلق النار على شخص منهم دون أن يخسر أي صوت. وظاهريا، أنهى ترامب الأمر التنفيذي بفصل الأطفال عن آبائهم على الحدود المكسيكية، بعد أيام من الغضب المتصاعد في أميركا وحول العالم.
هناك خطوط أخلاقية لا يمكن تجاوزها
وقال مايكل ستيل، الرئيس السابق للجنة الوطنية للحزب الجمهوري: "كان عليه أن يوقعها لسبب واحد بسيط، لأن الصور كانت سيئة للغاية لدرجة أنه لم يعد بإمكانه تبرير سياسته.. لقد كان هناك أشخاص يقومون بتجميع أنفسهم أمام الكاميرات وأمام لمدعي العام إلى وزير الأمن الداخلي، وتبرير هذه الأعمال اللاإنسانية وإلقاء اللوم على المهاجرين الذين يأتون إلى هنا للحصول على اللجوء"، وكشف ترامب أن هناك خطوطا أخلاقية لا يمكن تجاوزها.
وتراجعت أصوات أميركا من مشاهد لأصوات الأطفال في أقفاص وهم مستلقون على الحصير تحت صفائح، ويبكون على آبائهم الذين لا يعرف مكانهم إلى أصوات فعالة ذات قيمة. وقالت إيريس إفراغيو- مانسيا، وهي مهاجرة غير شرعية من هندوراس انفصلت عن ابنها في عيد ميلاده السادس، لشبكة "إن بي سي": "قلبي ممتلئ بالدموع"، وجاءت الإدانة من البابا والأمم المتحدة والمراقبين الذين ذهبوا لمعسكرات الاعتقال.
كواليس ما حدث داخل عائلة ترامب
لكن ما ميّز هذا القرار هو أنه حتى بعض مؤيديه الأكثر انحرافا كان عليهم أن يعترفوا بشعورهم بالقلق حيال ما يحدث، وأعربت زوجته علنا عن مخاوفها. وبحسب ما ورد قامت ابنته الكبرى بالضغط عليه خلف الكواليس. وأضاف ستيل: "ما من شك أن هذا الأمر غيّر الكثير بالنسبة إلى الرئيس لأنك كإنسان لا تستطيع المجادلة مع صورة طفلة في الثالثة من عمره يقف بجانب والدتها وهي تبكي ووالدتها مقيدة اليدين"
كانت حملة "ترامب" الإعلامية المحمومة ضد المهاجرين مضمونة لبعض الوقت، لكن بعد أن استخدم السيناتور الديمقراطي جيف ميركلي موقع "فيسبوك" ليظهر في بث مباشر في محاولته للدخول إلى "وول مارت" على حدود ولاية تكساس التي تضم مئات الأطفال الذين أخذوا من والديهم، وأصبحت القضية لا مفر منها. أظهرت الأرقام الرسمية أنه تم فصل أكثر من 2300 طفل من والديهم، والتقط تسجيل صوتي سري لبعض الأطفال أثناء البكاء بكلمات "مامي" و"بابا".