بيروت - لبنان اليوم
ووفق هذه الحسابات تصبح تسمية سلام شبه مكتملة، مع دخول تيار «المستقبل» على الخط، اضافة الى «الاشتراكي» و»القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر». ذلك أنّ باسيل كان ابلغ الى العاصمة الفرنسية انّه مستعد للسير بتسمية نواف سلام. لكن المشكلة في هذه الحال تصبح اكثر تعقيداً.
يرجح الدبلوماسي الفرنسي نفسه، أن يوجّه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون رسائل اكثر وضوحاً وحدّة من تلك التي وجّهها خلال زيارته السابقة. واقترح عليه البعض ان يختصر برنامج زيارته الى لبنان، كإشارة غاضبة الى طريقة تعاطي الطبقة السياسية الحاكمة.
وجاء قرار الرئيس سعد الحريري بسحب اسمه من بورصة المرشحين لتولّي رئاسة الحكومة المقبلة، لتزيد من ضبابية المشهد ولتفاقم من حدّته.
قبل خطوة الحريري كان المشهد مقفلاً، ورغم التسريبات الاعلامية بقرب تحديد القصر الجمهوري لموعد الاستشارات النيابية الملزمة، الّا أنّ القوى السياسية كانت على اقتناع بأنّ هذه التسريبات تدخل في اطار تهدئة الخواطر اكثر منه في اطار القرار الجدّي.
ذلك أنّ رؤساء الحكومة السابقين كانوا قد عقدوا العزم على الاجتماع تحت عباءة دار الفتوى، بالاضافة الى شخصيات في الطائفة السنّية، والبدء بحركة اعتراض تصاعدية عنوانها «تجاوز الصلاحيات» وتهميش الطائفة السنّية.
وكانت «حرب المناورات» تأخذ مداها في هذه الاثناء. الحريري يرفض الدخول في اي تسوية مسبقة هدفها عودة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الى الحكومة، خصوصاً انّ الرئيس نبيه بري سمع من باسيل خلال آخر لقاء، أنّه يريد وزارة الخارجية لإعادة تحسين علاقات لبنان الدولية، اضافة الى وزارة الطاقة لاستكمال خطة الكهرباء التي بدأها.
وعلّق بري قائلاً: «انتم تعيشون في عالم آخر». وحاول بري توجيه نصيحة للحريري بأن يزور القصر الجمهوري ويبلغ الى الرئيس ميشال عون موقفه، لكن الحريري رفض الفكرة.
في سياق متّصل نقلت وكالة الأنباء المركزية اللبنانية (غير رسمية) عن "مصادر سياسية مطّلعة" ترجيحها أن تكون الحكومة الجديدة "برئاسة نواف سلام الدبلوماسي والقاضي بمحكمة العدل الدولية في لاهاي، بدعم أميركي فرنسي سعودي مشترك، كما أن الأجواء الدولية والإقليمية الأخرى في معظمها تميل إلى تأييد تسمية سلام لرئاسة الحكومة الجديدة".
وستضمّ الحكومة الجديدة وزراء -حسب "وكالة الأنباء المركزية اللبنانية"- متخصصين مستقلين ولديهم خبرة في التعاطي مع الأزمات الاقتصادية والمالية، لأن "لبنان في أمسّ الحاجة إلى هذا النوع من الوزراء".
وأشارت المصادر إلى "أن المقرات الحزبية والسياسية تحوّلت منذ أمس لخلية نحل من الاتصالات واللقاءات بهدف تحديد موقفها من التطورات".
وتابعت "المركزية" -نقلا عن مصادرها- أن "اسم القاضي نواف سلام يتردد بقوّة في أروقة الكتل النيابية والأحزاب السياسية"، وشددت على "ضرورة أن يلعب المجتمع المدني والثوّار دورًا كبيرًا في إيصال سلام إلى السراي الحكومي؛ فكلما كان الضغط الشعبي قويا في اتجاه تسمية سلام سبّب ذلك إحراجا للكتل النيابية بتسميته".
أما عن مواقف القوى السياسية الحليفة للعهد (رئاسة الجمهورية)، فقد أوضحت المصادر "أن ما بعد 4 أغسطس/آب ليس كما قبله، والعقلية التي كانت تُدير الحياة السياسية في لبنان، لا سيما في ما يخص تشكيل الحكومات يجب أن تتغير؛ فهناك دماء في الطرقات ومفقودون تحت الأنقاض. فهل يجوز الاستمرار في سياسة الدلع وهدر الوقت وفرض الشروط والشروط المضادة كما كان يحصل سابقاً إبّان تشكيل الحكومات؟ طبعا لا".
ولفتت إلى "أن الأسماء التقليدية التي تُطرح دائما عند استحقاق تشكيل الحكومة لم تعد تُصرف شعبيًا ودوليًّا؛ فلا الثوّار الغاضبون سيقبلون عودة الرئيس سعد الحريري الذي يعتبرونه جزءا من الطبقة السياسية الحالية، ولا المجتمع الدولي يرغب في تكرار التجارب السابقة في تشكيل الحكومات، رئيسا وأعضاء، لأن الوضع في لبنان لم يعد يحتمل الاستمرار في النهج ذاته القائم منذ 30 عاما".
وشددت المصادر على "أن حكومة مستقلّة برئاسة نواف سلام ستُعيد الثقة الشعبية والدولية بالبلد، وتفتح باب المساعدات الموعودة الذي أوصد بسبب انعدام الثقة في الطبقة السياسية الحالية".
يذكر أن الحريري متفقاً في تقييمه مع بري و»حزب الله»، بأنّ رفض رئيس الجمهورية له هو في اطار الضغط عليه لكي يقبل بعودة باسيل الى الحكومة وبالشروط التي يطلبها، أي وزارتي الخارجية والطاقة. وبمعنى آخر، اعادة تجديد التسوية بين «المستقبل» و»التيار الوطني الحر»، والتي انتجت وصول عون الى قصر بعبدا وعودة الحريري الى السرايا الحكومية.
قد يهمك ايضا
الكشف عن تفاصيل "الوحدة 121" التابعة لـ"حزب الله" لتنفيذ الاغتيالات السياسية