الرئيس سعد الحريري

 

  دخل لبنان منذ ما قبل السابع عشر من تشرين الأول مرحلة من سلسلة الأزمات المتراكمة، التي أنفجرت دفعة واحدة دفعت باللبنانيين إلى النزول إلى الشارع للتعبير عن رفضهم للسياسات المتبعة منذ سنوات طويلة، والتي أدّت كخطوة أولى إلى تقديم الرئيس سعد الحريري إستقالة "حكومة إلى العمل"، التي لم تعمل بل كانت تتصرف وكأنها حكومة تصريف أعمال منذ اليوم الأول لقيامها، مع العلم أنها كانت تضمّ جميع مكونات النسيج السياسي من أحزاب وتيارات، بإستثناء حزب "الكتائب"، ولم تستطع أن تلاقي ورقة بعبدا الإصلاحية عند منتصف الطريق، فكان القرار الذي أُتخذ بغفلة من الزمن بفرض ضريبة على مكالمات "الواتس أب"، فكانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، فنزل المواطنون إلى الساحات بأعداد كثيفة لم تشهدها الساحات من قبل، وفي كل المناطق اللبنانية، وأُعلنت "الثورة" في وجه السلطة، التي لا تزال تتصرّف وكأن هذا التاريخ (17 تشرين الأول) وما تلاه من تحركات للطلاب، غير موجود وغير ذي أهمية.    فالأزمة الأم، وهي إنعدام الثقة بين المواطنين ودولتهم، تولدّ عنها أزمات متفرعة، وهي تصبّ في الخانة نفسها، والتي أصبحت تهدّد أسس هذه الدولة، بدءًا بأزمة المصارف والدولار، إلى أزمة المحروقات وأزمة الرغيف وأزمة المستشفيات، وقد يكون الآتي أعظم، وهذا ما كشفه الزميل جورج غانم في حلقة "صار الوقت"، الذي تخوّف من حرب أهلية سبق أن اشار إليها الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في إحدى إطلالاته التلفزيونية.   فالمشكلة، كما يراها أهل الإنتفاضة، لا تكمن في من سيشكّل الحكومة ولا في شكل الحكومة الجاري الحديث عنه في الأوساط السياسية بعيدًا عن رغبة الشارع، الذي قال كلمته وطالب بحكومة إخصائئين لا يكون فيها أي تمثيل للأحزاب السياسية، وهم يرون أنها فشلت في إدارة شؤون البلاد منذ سنوات طويلة.    وعندما يقول المنتفضون "كلن يعني كلن" فهذا لا يعني عودة وزراء من لون معيّن، وبالأخص تلك الأسماء التي أرتبطت بمسلسل الأزمات المتتالية، والتي لم تستطع أن تحقّق ولو 10 في المئة مما وعدت به، بدءًا بتأمين الكهرباء 24 على 24، أو على صعيد مكافحة الفساد، إذ لم يرَ المواطنون فاسدًا واحدًا وراء قضبان السجون، كما حصل في السابق مع الوزير شاهيه برسوميان.    فإنتفاضة 17 تشرين الأول لم تقم حتى يعود الأشخاص أنفسهم إلى السلطة، وهم الذين يتحمّلون جزءًا كبيرًا من مسؤولية ما وصلت إليه البلاد من هريان وإستنزاف إقتصادي ومالي.    المسؤولية كبيرة تلك التي ستلقى على كاهل كل من يجروء على تحمّلها، بدءًا برئيس الحكومة وصولًا إلى الوزراء، الذين سيواجهون مشاكل قد تكون أكبر من لبنان، ومن قدرة اللبنانيين على تحمّلها لوقت طويل، بعدما أصبح الحديث عن "فنزولة" لبنان مطروحًا بقوة، بإعتبار أن "اليوننة" لم تعد تنطبق على الواقع اللبناني الحالي، وما يمكن أن يستجرّه من مفاجآت ليست في الحسبان، وقد تتجاوز بخطورتها الوضع في اليونان أو حتى في فنزولا.     قد يهمك أيضاَ   نادي قضاة لبنان يطرح ملاحظاته حول اقتراح قانون العفو العام   أنور قرقاش يؤكد أن أي محادثات مع إيران يجب أن تعالج التدخلات