الرباط - كمال العلمي
منذ افتتاحه رسميا يوم الخميس 17 نوفمبر 2022 برعاية سامية للملك محمد السادس، وبإشراف فعلي للأمير مولاي الحسن، يتواصل بشكل مكثف توافد الزوار، كبارا وصغارا، ذكورا وإناثا، على مقر منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) بمدينة الرباط بالمملكة المغربية لزيارة المعرض والمتحف الدولي للسيرة النبوية والحضارة الإسلامية. ويشهد المعرض إقبالا منقطع النظير، حيث زاره وزراء وسفراء وممثلو وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية والخبراء والأساتذة والطلاب والتلاميذ والعمال والحرفيون وطيف واسع ومتنوع من مختلف الفئات الاجتماعية.
وما يثير الانتباه ويثلج الصدر ويبعث على الاطمئنان الزيارات العديدة والمتواصلة لأطفال المدارس للمعرض من مختلف المدن المغربية رفقة أساتذتهم في أجواء احتفالية وروحانية بهيجة تظهر ملامحها في أعين هؤلاء الأطفال وهم يتجولون في مرافق المعرض ويتعرفون على جوانب من سيرة الرسول الكريم بوسائل وطرق حديثة تمزج بين مختلف تقنيات العرض السمعية البصرية الحديثة التي يعشقها الأطفال كما هو معلوم ويتقنون استعمالاتها. ويتجلى انبهارهم واستمتاعهم واستفادتهم في تتبعهم للشروحات المقدمة إليهم بانتباه شديد في أجواء تربوية مختلفة عما تعودوا عليه في مدارسهم خلال درس التربية الإسلامية عن حياة الرسول الكريم وصحابته رضوان الله عليهم. ومما يستحق الإشادة والتنويه هو حرص المدير العام للإيسيسكو الدكتور سالم بن محمد المالك على استقبال هؤلاء الأطفال ومرافقتهم والحديث معهم وتقديم شروحات ومعلومات حول محتويات المعرض. لذلك فإن تنظيم المعرض والمتحف الدولي للسيرة النبوية والحضارة الإسلامية يعد مبادرة تربوية بامتياز تحقق أهدافا سامية تتمثل في تربية الأجيال على محبة رسول الله والاقتداء بسيرته الطاهرة، والتعرف على خصاله الحميدة وتسامحه واعتداله ودوره في إسعاد البشرية برسالته العالمية.
وإذا كان تنظيم المعرض يسهم في تعزيز الرؤية المستنيرة في الدفاع عن معالم الحضارة الإسلامية، والتعريف بها، والرد على الحملات الإعلامية الهادفة إلى تشويه صورة الإسلام ومقدساته ورموزه، وتصحيح المعلومات الخاطئة التي روجتها عدد من الكتب والمقررات المدرسية في الدول الغربية، وبعض الإنتاجات السينمائية والرسوم الكاريكاتورية عن الإسلام ورموزه المقدسة، فإن زيارة الأطفال لهذا المعرض تمنحهم شحنة قوية في الاعتزاز برسولهم، والتشبث بقيم دينهم، كما تمنحهم مناعة نفسية وفكرية تحميهم من التأثر بكل أشكال الإساءة إلى رسولنا الكريم من أقوال وأفعال عنصرية بغيضة منافية للقانون الدولي، ومن رسومات كاريكاتورية تمعن باسم حرية التعبير في التحقير والاستفزاز. كما ينيرهم المعرض لكي يصبحوا في المستقبل، رجالا ونساء، من المدافعين عن الإسلام ومقدساته بالحكمة والتبصر، ومن المساهمين في التعريف بالصورة الحقيقية للإسلام والتصدي لخطاب الكراهية، ونشر قيم الوسطية والاعتدال والتسامح والوئام بين البشر.
لقد أكدت دراسات تربوية عديدة أن تربية الأطفال على حب الرسول صلى الله عليه وسلم تساعدهم على بناء شخصياتهم من خلال اتخاذ الرسول الكريم قدوة ومثالا في حياتهم مصداقا لقوله تعالى: “لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة”، بالإضافة إلى تقوية ارتباطهم الروحي والوجداني والفكري بالرسول الكريم وبسنته الطاهرة وأخلاقه الفاضلة.
كما حرصت الدول الإسلامية في مقرراتها وكتبها المدرسية على تخصيص دروس في التربية الإسلامية حول التعريف بحياة محمد صلى الله عليه وسلم، وبالصعوبات والتحديات التي واجهها أثناء تبليغ الرسالة الربانية، كما تحفل مكتبة الأطفال بآلاف المنشورات والقصص عن سيرته وبلغات متعددة. لكن التعريف بسيرة الرسول الكريم من خلال معرض يعرف بشخصيته وبسيرته الشريفة بواسطة أحدث ما وصلت إليه تكنولوجيا الإعلام والاتصال، سيكون من دون شك أكثر تأثيرا وفائدة لأنه يظهر الإسلام في صورته الصحيحة، ويوفر أضخم وأشمل وأدق المحتويات ووسائل العرض العصرية لرسالة الإسلام السمحة وتشريعاتها الراقية، كما يقدم عرضا شيقا لسنَّة النَّبي صلى الله عليه وسلم وسيرته وآدابه وشمائله وأخلاقه وهديه، عبر منهجٍ علميٍّ مبتكر، وعملٍ متقن، وتجديدٍ تقني متميز.
يذكر أن المعرض تنظمه رابطة العالم الإسلامي بشراكة مع الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء في المغرب. ويعد المعرض النسخةَ المتجولةَ الأولى لمتاحف السيرة النبوية، ويتكون من عدة أقسام، منها قسم بعنوان: “النبي صلى الله عليه وسلم كأنك تراه”، ومن موضوعاته الحديقة المحمدية، وطعام النبي وشرابه ولباسه وأثاثه، وقسم بعنوان “النبي صلى الله عليه وسلم كأنك معه”، ويعرف بآداب النبي صلى الله عليه وسلم الكريمة وأخلاقه العظيمة وقيم الحوار والتعايش والعفو والرحمة والتسامح، وقسم آخر خاص بالتعريف بفضائل ومكانة آل البيت. كما يضم المعرض “أعظم منبر”، وهو نموذج يحاكي منبر المصطفى صلى الله عليه وسلم، من حيث تصميمه ونوع الخشب المصنوع منه، ونموذج الكعبة المشرفة كما كانت عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، إضافة إلى “بانوراما الحجرة النبوية الشريفة في العصر الأول”، والذي يعرض لأول مرة في التاريخ بتقنيات ثلاثية الأبعاد وتقنيات الواقع الافتراضي، ومفردات الحياة اليومية للرسول صلى الله عليه وسلم في حجرته الشريفة. وحيث إن المعرض يقام لأول مرة في المملكة المغربية، فقد تم تخصيص جناح أشرفت عليه الرابطة المحمدية للعلماء تحت اسم “صلة”، تعبيرا عن صلة المغاربة بالجناب النبوي الشريف.يشار إلى أن المعرض مفتوح مجانا من الساعة العاشرة صباحا إلى الساعة الخامسة مساء كل أيام الأسبوع ماعدا يوم الاثنين.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
"إيسيسكو" تعلن الفائزين بجائزة "بيان" للإبداع التعبيري باللغة العربية
مُنظّمة "الإيسيسكو" تُناقش التحديات الثقافية خلال الأزمات ومستقبل القطاع