الفنان التشكيلي حسان بودراع

ولد أكبر فنان تشكيلي في الجزائر، حسان بودراع، في مدينة قسنطينة الملقبة بعاصمة الجسور المعلّقة، ليكون فنانا بالفطرة، عشق الرسم في صغر مبكرة، لكنه صدم الوسط الفني في الجزائر بقرار هجرته للساحة الفنية في التسعينات، وقرر أن يصبح فلاحًا بسيطًا، بعد إدراكه بأن احتراف الفن غير ممكن في بلد لا يتعاطاه

وأوضح حسان بودراع، في مقابلة خاصّة مع "العرب اليوم" أنه "اقتحمت عالم الفن في سنّ الـ 7، وأنا أسير في الطريق وجدت رجلًا يجلس على كرسي و بيديه ورق و أقلام فاقتربت اليهم حتى أشار لي بأن أتقدم، كان يرسم في بورتريه لامرأة، وبعد رجوعي إلى البيت حاولت تقليد ما شاهدته ولم افلح، لكن الجميل وهو بداية تفكيري في الرسم وفي الكيفية التي كانت توجب علي اتباعها ولم تغادر ذهني تلك الصورة التي شاهدتها، كنت اطلب من أمي أن تشتري ورق الرسم والأقلام وكانت تعطيني صورتها أضعها أمامي وأرسم عليها كانت رحلة ممتعة في تعلقي بالفن في سن مبكر وعندما تجاوزت العاشرة من عمري رحت أبحث عن كتب الرسم فوجدت في المكتبة كتابين لاجان ديلاكروا و ويليام تيرنر أعجبت كثيرا بتلك الكتب، فاشتريت الألوان وبدأت انقل اللوحات التي كنت أشاهدها في البداية كانت عبارة عن خردشات لكن مع تقدمي في السن طوّرت تلك الموهبة حتى أصبحت انظر إلى نفسي كفنان وتوجهت مباشرة إلى مدرسة الفنون الجميلة في مدينة قسنطينة سنة 1987، هناك تكونت علاقتي الحقيقية بالريشة و الأوان الزيتية، و تحدد انتمائي الفني، فقرّرت أن أتبع مدرسة الجمال و التجريد، بعدها انتقلت إلى مدرسة العاصمة و تخرجت منها سنة 1994، بدأت نشاطي بعد ذلك كفنان تشكيلي و شاركت في عدة معارض عبر الوطن، بعد سنوات قررت التوجه لخدمة الأرض و الفلاحة و ممارسة الفن كنشاط مكمل إلى يومنا".

وحاول بودراع تقديم  كل ما هو جميل، مبيّنًا أنه "هل يوجد اجمل من الجمال كل فلاسفة  علم الجمال تحدّثوا عن الجمال كمدخل أساسي، فالرسام مجبر أن يضع نصب عينيه الجمال لأنه أساس النجاح في المشوار الفني، أنا تعلمت شيء واحد من الفن و هو كل الأعمال الجميلة لم تفارق مخيلتي لحد الساعة منذ عصر النهضة حتى الأعمال التجريدية الحديثة، فالرداءة لا تليق بالإنسان الواعي ولا يستطيع ان ينسجم معها مهما فعل فالصورة القبيحة لا توحي بالجمال".

ويعتبر بودراع، أن الفن متعة للنظر، والجانب التعبيري أو الرسالة الجمالية لا تهمه كما قال  لآنها تأتي في آخر سياق أو في خلفية اللوحة، فما يهمه هو الظاهر التقنية المستعملة في التلوين أو الرسم لان الفن بطبيعة الحال صنعة اي حرفة تعلم في المدارس للفنون الجميلة أو الورشات عن كبار الفنانين و ليس العكس كما يشار، موضحًا أن "الفن هو بمثابة الحب الحقيقي بالنسبة لي لأننا نشانا نشأة غير قابلة للانفصال، فهو يمثل وجهي الحقيقي دون قناع أو زيف انه أنا والأشكال التي أتعامل معها، ومن بين العناصر التي يجسدها الفنان في لوحاته، الرموز و الأوشام البربرية و الأشكال الهندسية ذات الأبعاد المختلفة، خصوصًا بالنسبة للوحات التي لها علاقة بالتاريخ أو التراث، لأنها عناصر أجد فيها إيقاع مما يخلق توازنًا بين الشكل واللون".