واشنطن ـ رولا عيسى
كشفت دراسة حديثة أن الأطفال الذين يعانون من التوحد عندما يتعلمون التحدث بلغة أخرى قد يجدوا أنه الأسهل عليهم التبديل بين المهام، حيث أن المصابين بطيف التوحد غالبا ما يكون لديهم صعوبة في تحويل انتباههم بين المهام، لكن الأبحاث الكندية الجديدة، التي يطلق عليها المثيرة للدهشة، تبين أنها ثنائية اللغة يمكن أن تزيد من مرونتهم المعرفية، وكثيرا ما كان يقال للآباء ألا يكلفوا أنفسهم عناء تعليم طفلهم لغة ثانية إذا كان الأخير يعاني من اضطراب طيف التوحد خشية أن تضاف إلى مصاعبهم.
وقال المؤلف الرئيسي البروفيسور أبارنا ناديج، في جامعة ماكجيل في مونتريال: "هذه هي نتيجة جديدة ومثيرة للدهشة، فعلى مدى السنوات الـ15 الماضية كان هناك نقاشا كبيرا في هذا المجال بشأن ما إذا كان هناك "ميزة لثنائية اللغة "من حيث المهام التنفيذية، وقد جادل بعض الباحثين على نحو مقنع أن العيش كشخص ثنائي اللغة والاضطرار إلى تبديل اللغات من دون وعي يزيد من المرونة المعرفية، ولكن لا أحد قد نشر بعد البحوث التي تبين بوضوح أن هذه الميزة قد يمتد أثرها أيضا للأطفال المصابون بطيف التوحد"، وأضاف:"أنه من المثير جدا أن تجد أنه يفعل ذلك التأثير"، وشملت الدراسة 40 طفلا في جزء في كندا يتحدثون الفرنسية وكانوا جميعا مصابون بطيف التوحد.
ما هو المقصود بالتوحد
اضطراب طيف التوحد هو مصطلح شامل للظروف التي تؤثر على التفاعل الاجتماعي، والاتصالات، والاهتمامات والسلوك، وتقدر الجمعيات أن هناك نحو 700 ألف شخص مصاب بطيف التوحد في المملكة المتحدة البريطانية، وفي الولايات المتحدة الأميركية، يصل العدد إلى 3.5 مليون، وتشير الأرقام إلى تشخيص أربعة من الفتيان المصابين بالتوحد - وهو ما يؤدي في الغالب إلى معاناة المصابين أثناء التفاعل الاجتماعي – مقابل كل فتاة واحدة.
لا يوجد هناك علاج لاضطراب طيف التوحد، ولكن العلاج بالتخاطب، والعلاج الوظيفي والدعم التعليمي متاح لمساعدة الأطفال وأولياء الأمور، وتشير الدراسة الجديدة، التي نشرت في مجلة تنمية الطفل، إلى أن تعلم لغة ثانية يمكن أن يساعد أيضا في كبح الأعراض، وكتبت الدكتورة آنا ماريا غونزاليس-باريرو، التي شاركت في البحث: "من الأهمية بمكان الحصول على أدلة أكثر ملائمة وصحة لتستخدمها الأسر عند اتخاذ القرارات المهمة للتربية وتربية الأطفال"، وأضافت أن الآباء "يُنصحون في كثير من الأحيان" بعدم تعريض طفلهم المصاب باضطراب طيف التوحد إلى تعلم أكثر من لغة واحدة لأنه سوف يتفاقم من مشاكل لغتهم.
كيف أجريت الدراسة؟
وكان يتراوح عمر الأطفال الذين شاركوا في التجربة بين 6 و9 سنوات، تم تقسيمهم إلى أربع مجموعات، وكان عشرون طفلا منهم ثنائي اللغة، نصف مصاب باضطراب طيف التوحد، أما الأطفال العشرون الآخرون، الذين كان نصفهم أيضا مصاب باضطراب طيف التوحد ، يتحدثون بلغة واحدة فقط، وطلب منهم جميعا فرز الأرانب الزرقاء والقوارب الحمراء التي ظهرت على شاشة الكمبيوتر عن طريق اللون، ثم طلب منهم تبديل وترتيب نفس الأشياء بدلا من شكلها، بغض النظر عن لونها، ووجدت الدراسة أن الأطفال المصابون باضطراب طيف التوحد ويتحدثون لغتين لديهم أداء أفضل بكثير من أقرانهم أحادي اللغة عندما يتعلق الأمر بالجزء الأكثر تعقيدا.
بحوث مستقبلية:
على الرغم من حجم العينة الصغيرة، يعتقد الباحثون أن "ميزة ثنائية اللغة" التي رأوها في الأطفال الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد له آثار كبيرة للغاية، ومن المقرر إجراء مزيد من الدراسات لمتابعة الأطفال الذين يعانون من اضطرابات التوحد التي اختبروها على مدى السنوات الثلاث المقبلة لنرى كيف تتطور، وهي تهدف إلى معرفة ما إذا كانت الميزة ثنائية اللغة التي لوحظت في المختبر يمكن أيضا ملاحظتها في الحياة اليومية تقدم الأطفال في مراحلهم العمرية.