موسكو ـ ريتا مهنا
بعد تقارير عدة حذرت من تأثير دخول «الذكاء الصناعي» مجالات الإنتاج، على فرص العمل، وصف وزير التنمية الاقتصادية الروسي مكسيم أوريشكين، هذا الذكاء بأنه «نعمة لروسيا» التي تتراجع فيها أعداد المواطنين في سن العمل نتيجة الأزمة الديموغرافية، وعبّر عن قناعته بأن تزايد الاعتماد على الذكاء الصناعي لن يخلق مشكلة في مجال فرص العمل، لافتاً إلى ضرورة تطوير الخبرات بما يتوافق مع فرص عمل جديدة يوفّرها استخدام هذا الذكاء في الإنتاج والاقتصاد بشكل عام.
وخلال مشاركته، أمس، في اليوم الختامي لأعمال مؤتمر (AI Journey) أي (رحلة الذكاء الصناعي) المنعقد في موسكو، عرض أوريشكين وجهة نظره بهذا الصدد وقال: «بالنسبة إلى روسيا، مع الوضع الديموغرافي فيها، فإن الذكاء الصناعي بمثابة نعمة، وإمكانية للمضي قدماً»، وأضاف: «بكل تأكيد لا داعي للخوف من أنه سيؤدي إلى تقليص فرص العمل.
لأننا نرى اليوم أن فرص العمل التي تظهر بفضل الذكاء
الصناعي، هي تلك الفرص التي يصعب أن نجد موظفين أو عمالاً مناسبين لها (...) لهذا على الأرجح سنرى المزيد من فرص العمل، ومهمتنا أن نقوم بالعمل الضروري لجعل الناس في بلدنا يتطورون بما يتوافق مع الوظائف الجديدة».
وبالنسبة إلى نتائج دخول الذكاء الصناعي مختلف المجالات، يرى أوريشكين أنها لن تكون كبيرة وملموسة، خلال السنوات الخمس القادمة على أقل تقدير، وقال: «يتعين علينا تهيئة المجالات (الرعاية الصحية، وقطاعات الاقتصاد، والإنتاج الصناعي) لتكون عملية إدخال الذكاء الصناعي شاملة» في جميع المجالات، وما إن يتم الأمر على هذا النحو ستظهر نتائج ملموسة على مستوى الاقتصاد الكلي، وعندها يمكن الحديث عن نوعية حياة مختلفة، على حد تعبيره.
فضلاً عن ذلك يرى أنه عند إتمام هذه المهمة، فإن «هذا يعني أننا سنتمكن، على سبيل المثال، من طرح مسائل في السياسة الاقتصادية، مثل مسألة تقليص أيام العمل في الأسبوع حتى أربعة أيام فقط، ومسألة الدخل الأساسي غير المشروط. وبحث قضايا أخرى تتعلق بتوزيع أكثر مساواة على المجتمع لتأثير التقنيات».
وتولي روسيا اهتماماً واضحاً للتحول نحو الاقتصاد الرقمي، وتبنت خطة في هذا المجال، منذ مطلع صيف عام 2017، وذلك خلال اجتماع «المجلس الرئاسي للتطور الاستراتيجي والمشاريع ذات الأولوية»، الذي حدد فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التحول إلى «الاقتصاد الرقمي» ضمن الأولويات في استراتيجية التطور للسنوات القادمة.
وأقر المجلس «مسودة برنامج التحول»، التي قال بوتين إنها ستسمح لروسيا بتحقيق «قفزة نحو المستقبل»، ووصف مشروع تطوير الاقتصاد الرقمي بالحدث التاريخي المهم الذي لا يقل أهمية عن أحداث تاريخية كبرى، أدت إلى نقلة نوعية في الاقتصاد، مثل مد شبكات السكك الحديدية في روسيا في القرن التاسع عشر، ومد الشبكات الكهربائية في كل المدن والقرى منتصف القرن العشرين.
وبموجب خطة العمل في مشروع التحول نحو الاقتصاد الرقمي حتى عام 2025، يجب أن يصبح بوسع 97% من المواطنين الروس استخدام الإنترنت بسرعة (100 م ب - ثا).
ومع حلول العام ذاته يجب أن تتوفر شبكات (5G) في المدن والمناطق السكنية التي يزيد عدد سكانها على مليون نسمة.
كما تشمل الخطة تأسيس شركات مختصة بتصنيع التقنيات الرقمية الضرورية للمجالات الرئيسية في الاقتصاد والإنتاج، بينما سيتعين على المعاهد والمؤسسات التعليمية تخريج 100 ألف متخصص في مجال الرقميات سنوياً اعتباراً من عام 2025.
ومع دخول التقنيات الرقمية والذكاء الصناعي مجالات من الاقتصاد الروسي، تبقى محدودة حتى الآن، عبّر البعض عن خشيتهم من تدني فرص العمل، أو خسارة عملهم نتيجة الاعتماد على «الآلات» لتقوم به.
وأعدت أكاديمية الاقتصاد الوطني، التابعة للرئاسة الروسية، دراسة حول نتائج هذا التحول ودخول الروبوتات سوق العمل، خلصت فيها إلى أن كفاءات 45.5% من العمال ستفقد أهميتها في سوق العمل، وسيضطر أصحاب تلك الكفاءات إما إلى الخروج من السوق وإما إلى الخضوع لدورات إعادة تأهيل تسمح لهم بالحصول على فرصة عمل بديلة.
قد يهمك أيضاَ