أزمة الدولار تُنذر بانفجار الوضع في لبنان

وكأن لبنان في زمن حرب عسكرية تقيّد موارده الأساسية الغذائية والسلعية، بالإضافة الى موارده المالية، فإعلان مصرف لبنان عن نيّته إصدار تعميم لتنظيم عملية استيراد المحروقات والقمح والدواء، بالإضافة الى نشوء سوق ثانوية لسعر صرف الليرة مقابل الدولار، وصلت فيها أسعار الصرف أمس الى 1630 ليرة للدولار، كلها مؤشرات أقل ما يُقال فيها إنّها مرعبة.

كل المؤشرات المستجدة والقديمة توحي أننا اقتربنا من ساعة الصفر، لأنّ الوضع قد ينفجر بين ليلة وضحاها في وجه الجميع وتتفلّت الأمور من أيدي المعنيّين الذين يكافحون من أجل عدم حصول "الانهيار الكبير" في عهدهم، ولو حتّى بأغلى الأثمان.

لم تعد أزمة فقدان الدولار من الاسواق خافية على أحد، ولم يعد القطاع المصرفي يتحرّك بصمت لمجابهتها، لأنّ وتيرة الاجراءات التي تتّبعها البنوك حفاظاً على الدولار، تتسارع يوماً بعد يوم. فبعد الامتناع عن فتح اعتمادات للتجار من اجل الاستيراد، باتت المصارف ترفض تحويل أي ودائع من الليرة الى الدولار، كما انّ الشيكات المصرفية لكبار المودعين باتت تُرتجع إذا كانت بالدولار وحساب الزبون بالليرة، وأي سند قرض مصرفي مستحق بالدولار تشترط البنوك دفعه بالدولار حصراً، بالاضافة الى انّ عدد المصارف الذي يمتنع عن ايداع الدولارات في اجهزة الصراف الآلي يتزايد يوماً بعد يوم.

ما هي الأسباب الحقيقية لشحّ الدولار؟
يوضح وزير الاقتصاد السابق والمصرفي رائد خوري، انّ الاسباب الحقيقية للأزمة، هي سعي مصرف لبنان للحدّ من المضاربة القائمة على الليرة، أي التهافت للتحويل من الليرة الى الدولار، لأنّ تلك المضاربة تؤدي الى تقلّص احتياطي البنك المركزي بالعملة الاجنبية، وهو ذخيرته المستخدمة للدفاع عن الليرة عند خروج الاموال من النظام النقدي.

وقال خوري: إنّ مصرف لبنان بدأ بسياسة الحدّ من المضاربة من خلال:

- وقف القروض السكنية، لأنّ عمليات البناء تتطلب استيراد مواد وسلع من الخارج، ما يؤدي الى خروج العملات الاجنبية من لبنان.

- أطلق مصرف لبنان تعاميم عدّة ضمن هذه السياسة، احدها، منع المصارف من اقراض اكثر من نسبة 25 في المئة من ودائعها بالليرة اللبنانية للقطاع الخاص.

- تقييد عمليات الاستيراد كالمحروقات وغيرها، من خلال عدم قدرة المصارف على تحويل الليرة الى الدولار بسهولة لدى مصرف لبنان.

وأشار خوري، إلى أنّ سياسة مصرف لبنان تهدف الى ضبط الوضع النقدي والتخفيف من النزيف الحاصل في ظلّ تراجع التحويلات من الخارج، وتأمين احتياطي بالعملات الاجنبية يمكّنه من الدفاع عن الليرة الى حين اتّخاذ الحكومة الاجراءات المناسبة والمطلوبة لمعالجة الوضع الاقتصادي. معتبراً انّ مصرف لبنان من خلال تجميد الاقتصاد وتجميد التحويلات الى الخارج، يشتري مزيداً من الوقت من اجل الحفاظ على النظام المالي المعتمد منذ 30 عاماً، "لأنه للاسف مع ربط كل مقوّمات اقتصاد لبنان بسعر العملة، لا يملك حاكم مصرف لبنان خياراً سوى المحافظة على الليرة اللبنانية".

أضاف: "لو كنتُ مكانه لقمت بالامر نفسه، لأنّ هذه المعادلة أصبحت ضرورة اليوم. منذ عامين وهو يسعى لشراء الوقت".

قد يهمك ايضا:

إطلاق دفتر الشروط لبناء محطات إنتاج كهرباء من طاقة الرياح في لبنان
ريشار قيومجيان يكشف حقيقة إرسال 35 مليارًا إلى جمعيات زوجات السياسيين