بيروت - لبنان اليوم
انشغل اللبنانيون في اليومين الماضيين بالبيان الصادر عن مصرف لبنان، بشأن التسديد التدريجي للودائع بدءا من نهاية يونيو المقبل، بمبالغ تصل إلى 25 ألف دولار خلال السنة.وبصرف النظر عن توقيت صدور البيان عشية إطلاق منصة "صيرفة"، وفي زمن البحث عن تمويل البطاقة التمويلية، كانت هذه المرة الأولى التي يسمع فيها اللبنانيون عبارة "تسديد الودائع" منذ النكبة المالية والمصرفية، وذلك من قبل أعلى مرجعية نقدية في البلد.
مصادر مصرفية اعتبرت بأن توقيت إصدار البيان مساء الأحد في يوم العطلة الأسبوعية، يوحي وكأن حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة كان على عجلة من أمره، وإلا لكان انتظر حتى صباح الاثنين لإصدار بيانه المفاجئ.
ربما أراد الحاكم تهيئة أرضية مناسبة تساهم في فعالية المنصة الجديدة، أو ربما أراد توجيه رسالة إلى الحكومة والقوى السياسية التي تضغط لتمويل البطاقة التمويلية من أموال الاحتياطي الإلزامي، فرمى بوجهها كرة البيان، على قاعدة "إذا فعلتم نعيد الأموال أو جزءا منها إلى أصحابها".
في قراءة اقتصادية لخلفيات مبادرة الحاكم، تحدث إلى موقع "سكاي نيوز عربية "، الخبير والباحث الاقتصادي جاسم عجاقة، الذي رأى أن البيان يحمل "3 أخبار جيدة، تتعلق ببدء تسديد ودائع الناس والمنصة والدعم".
وقال: "خبر مفرح تلقيناه فيما يخص بدء دفع أموال المودعين بالدولار الأميركي، وذلك لم يأت من العدم، فقد أعدت لجنة الرقابة على المصارف منذ مطلع شهر مارس ولغاية نهاية أبريل، دراسة لوضع المصارف، فكونت معلومات وافية لتقرر كيفية وضع المصارف وإعادة هيكليتها".
وأضاف: "يعتبر اقتراح الحاكم خطوة إيجابية من شأنها إعادة الثقة للقطاع المصرفي. تكمن المشكلة الأساسية في أن الجميع يريدون أموالهم، ونحن نعرف أن لا قدرة للقطاع المصرفي على ذلك، فهو بدأ وضع خريطة طريق واعتماد جدول زمني يسمح للمواطن الذي يريد أن يسحب أمواله بالدولار، بأن يتمكن من ذلك ضمن سقف 25 ألف دولار سنويا، على أن يسحب الدولارات وفق الية محددة".
وشرح الباحث مفهوم عبارة التغطية القانونية، قائلا: "تحمل 3 تفسيرات، أبرزها التغطية من قبل المجلس النيابي من خلال تبرئة ذمة المصرف المركزي فيما يخص الاحتياطي الإلزامي، خصوصا أننا نعرف أن الدولة تستند حاليا على هذا الاحتياطي، لذلك من الضروري إعادة قسم من الأموال للناس على الأقل، وبالتالي الحصول على تبرئة ذمة من الدولة".
وتابع تفسيره لتغطية القانونية: "هناك تفسير يتعلق بالشخص، فمثلا على المودع ألا يكون شخصا مشبوها، كما أن هناك شق يتعلق بالمتطلبات القانونية من المصرف، كي تكون لديه القدرة على احترام هذه المتطلبات".
ووصف عجاقة إجراء إعطاء المودعين أموالهم بـ"الخطوة الضرورية، إذ يحق للجميع أخذ الأموال بشكل طبيعي"، لافتا إلى أنه من المتوقع "ألا يعود المبلغ كاملا وبوجه السرعة، إنما كبداية تعتبر هذه الخطوة إيجابية جدا".
واعتبر الباحث الاقتصادي أن المنصة هي "أهم حدث وأساسية جدا منذ لحظة إعلان إفلاس الدولة من قبل رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب، وإعلان فشل المفاوضات مع البنك الدولي، فالليرة وقعت تحت قبضة بعض العصابات والمافيات الذين يتاجرون بها صعودا ونزولا، ويجب استعادة الليرة من يد هؤلاء من خلال إطلاق المنصة الإلكترونية التي ستسحب الطلب من السوق السوداء وتضعه على المنصة الرسمية.. كل ما يمكن أن يكون على هذه المنصة سيكون نظيفا وخاليا من المضاربة ".
وأضاف: "في ظل طلب صندوق النقد الدولي تحرير صرف الليرة كبند أولي في عملياته، علينا معرفة أن هذه المنصة ستلعب دورا أساسيا، لأن عملية التحرير ستتم من خلالها".
وكشف عجاقة لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الدعم "لن يُرفع بشكل فجائي، بل سيكون هناك نوع من الترشيد على المصرف المركزي، وسيتم تخفيف الدعم على بعض السلع والمواد الأولية.. وهذا أمر إيجابي".
وفي الوقت الذي طمأن فيه عجاقة من أن المبادرة "بمثابة جسر للعبور"، أوضح أنه "إذا لم يقابلها حكومة إصلاحات سينتهي الجسر، لذلك على القوى السياسية أن تتلقف هذه المبادرة سريعا".
كما حذر من عمليات التهريب، مبديا تخوفه من "ردود فعل على الأرض يخشى أن تُستغل"، مضيفا: "الشعب لم يعد بإمكانه أن يتحمل ومن الضروري الإسراع بتشكيل الحكومة، لأن الدستور أعطاها حصرية القرار الاقتصادي، فتثبيت سعر الصرف هو قرار حكومي وأخذ إجراءات إصلاحية تتعلق بالحكومة أيضا، وكذلك الحال بالنسبة لمفاوضات صندوق النقد".
قد يهمك أيضا
جمعية مصارف لبنان تعلن أن انهيار الليرة ليس مسؤوليتنا وتكشف الأسباب
بيانٌ من جمعية المصارف بشأن "سقوف السحوبات النقدية"