نواكشوط ـ محمدو فيصل
فاجأ رئيس حزب التجمع من أجل موريتانيا "تمام" سابقًا الدكتور الشيخ المختار ولد حرمه ولد ببانه، الجميع ومتتبعي الشأن السياسي الموريتاني بشكل خاص بحضوره للجلسات التمهيدية للحوار الوطني الشامل، بعد أن كان أعلن اعتزاله السياسة والتفرغ لمهنة الطب.
وأوضح الدكتور ولد حرمه في حديث خاص لـ "العرب اليوم" حول سبب حضوره للجلسات التمهيدية: "أنا فعلًا أعلنت اعتزال السياسة، ولكن البيان الذي أعلنت فيه اعتزال السياسة أكدت فيه أن قرار الاعتزال لا يعني الخروج من دائرة الشأن الوطني العام، وقلت بالحرف الواحد إنني أضع نفسي تحت تصرف المصلحة العامة لموريتانيا، وذلك لقناعتي أن السعي في تحقيق هذه المصلحة هو واجب شرعي لا ينبغي لأي مواطن مخلص لوطنه أن يتخلى عنه ولا أن يتقاعس عن تلبية نداء الوطن إذا دعاه".
وأضاف ولد حرمه: "حضرت افتتاح الجلسات التشاورية للقاء التمهيدي الموسع حول الحوار الوطني، بعد أن تلقيت دعوة من الجهة المنظمة له، طُلب مني الحضور فيها كشخصية وطنية تهتم بالمصلحة العليا للبلد؛ وإيمانًا مني بضرورة الإسراع في إيجاد حل عاجل للأزمة المجتمعية التي نعاني منها قررت الحضور لأكون شاهدًا على هذه المرحلة المهمة من تاريخ بلدنا، وحفزني لحضور هذه الجلسات ما لمسته لدى جهات ذات مصداقية من إرادة قوية لدى السلطات العليا لإقامة حوار وطني جاد و صادق مع الاستعداد لتقديم ما تتطلبه الظرفية والمصلحة العليا للوطن من تنازلات إصلاحية وأنها لا تتحفظ على نقاش شيء مهما كان، وهذا أمر لا يمكن التحقق منه إلا بالتجربة التي هي خير برهان".
وتحدث عن الهدف من تنظيم هذه الأيام التشاورية: "حسب علمي أن الهدف من تنظيم هذه الأيام هو تحديد المواضيع المقترحة للنقاش خلال الحوار الشامل المتوقع، وتحديد الآجال الزمنية المقترحة لتنظيمه".
وتابع: "أنا لم أشارك في الورشات التي نظمت خلال الأيام التشاورية، ولكن بحسب ما تابعت في الإعلام، تمت إثارة مواضيع كثيرة تهم الحكامة و مواضيع مهمة من أبرزها وألحها الوحدة الوطنية، و مخلفات الاسترقاق والتوزيع العادل للثروة".
وأفاد حول رفض بعض الأحزاب الحضور والمشاركة: "حسب ما تابعت في الجلسة الافتتاحية تخلفت عن المشاركة في هذه الأيام عدة أحزاب من الطيف السياسي المكون للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، ومع ذلك رأينا أحزابا أخرى من المعارضة شاركت، ورأينا حضورًا معتبرًا لتلك القوة الهائلة التي تسمى المجتمع المدني، ورأينا شخصيات مستقلة، وممثلين عن الهيئات النقابية، وهيئة المحامين، وهذه مجموعات في الحقيقة قد لا تؤدي نفس الدور الذي تلعبه الأحزاب السياسة المقاطعة".
وعن أهم المآخذ التي تأخذها المعارضة على الأيام التشاورية، أردف ولد حرمه: "أعتقد أن التجارب التي عاشتها المعارضة الوطنية في حواراتها السابقة مع النظام جعلت الثقة بين الطرفين مفقودة تمامًا، فتولد لدى المعارضة هاجس من التخوف جعلها تشكك وتتوجس من كل ما هو صادر من السلطة".
واستطرد: "هذا التخوف وانعدام الثقة هما الذين جعلا المعارضة ترفع عاليًا سقف شروط مشاركتها في أي حوار مع السلطة طالبة ضمانات ترى السلطة أنها تعجيزية، لكن لا بد هنا من التنبيه إلى أنه لا بديل عن الحوار الذي هو وحده الكفيل والقادر على تسوية سلمية ونهائية للمشاكل التي تعيق منذ عقود من الزمن تقدم بلدنا بل تهدد كل يوم أكثر كيانه وتماسك نسيجه المجتمعي، سبيلًا إلى ذلك لا مناص من حوار جاد وصادق يسهم ويعمل كلا الطرفين على إنجاحه من خلال تنازلات كبيرة ومهمة من أجل الوطن وبقائه، بعيدًا عن التخندق والمصالح الضيقة والحلول المؤقتة التي لا تجدي نفعًا".