بغداد- عمر السويدي
كشف رئيس اللجنة الأمنية في محافظة البصرة جبار الساعدي، عن وجود فصائل مسلّحة في المحافظة لا تنتمي إلى الحشد الشعبي وغير مرخصة، وتُشغّل مقرات ومواقع عدّة في المنطقة، وتمتلك سيارات وأسلحة دون معرفة لمن تعود تلك الفصائل، مما يسبب إرباكًا في الوضع الأمني داخل المدينة حيث ارتفعت نسب الجريمة في الآونة الأخيرة إلى مستويات عليا وهو ما يتطلب وقفةً جادةً لمنع تكرار تلك الخروقات.
وأضاف جبار الساعدي في مقابلة خاصّة مع "العرب اليوم"، أن هناك ضعفًا في التنسيق بين الأجهزة الأمنية المتعدّدة، كما يوجد نقص في الجهود الاستخبارية وانعدام المعلومات الدقيقة عن عصابات الجريمة وهو ما شكّل علامات استفهام حول دور القوات الأمنية في المحافظة، موضحًا أن محافظة البصرة ينتشر فيها السلاح غير المرخص بين العشائر وكذلك الجماعات والفصائل المسلحة التي تدّعي انتماءها للحشد الشعبي وغير مؤكد هذا الانتماء، وسنعمل في الفترة المقبلة على إصدار هويات تعريفية لتلك الفصائل لتمييز الرسمي منها وإبعاد الفصائل الأخرى فضلاً عن انتشار السلاح بين العشائر وهو بالتأكيد انعكس سلبًا على أمن المواطنين.
وبشأن ازدياد الجرائم في المحافظة، بيّن الساعدي أنّ الوضع الأمني خلال الفترة الأخيرة شهد توتراً ملحوظًا وارتفاعًا في نسب الجريمة لكن القوات الأمنية قبضت على عددٍ من مروجي وتجار المخدرات، حيث تُعد البصرة بيئة صالحة لتجارة الحبوب والمخدرات والحشيشة بسبب الجوار الإقليمي والجغرافي مع إيران وانتشار العصابات المتخصصة بتلك التجارة وترويجها بين الشباب والحصول على مبالغ طائلة، مشيرًا إلى أنّ المخدرات تدخل إلى العراق من إيران عن طريق حدودها مع العراق في البصرة، وتعد تلك المنطقة الحدودية مرتعًا لتجّار ومروجي تلك المواد المحظورة، حيث قربها المكاني ساهم بانتعاش هذه التجارة، فالبصرة لا تبعد عن منطقة التنومة الحدودية إلا 10 دقائق.
وكشف الساعدي عن عقد اللجان المعنية اجتماعات لبحث الشأن الأمني وتدارك الوضع ومنع تكرار الخروقات، ومحاولة معرفة تلك الفصائل التي تنتشر في المحافظة وتُشغل بعض المقرات، محملاً القوات الأمنية الرسمية مسؤولية الحفاظ على أمن المواطنين، وأكد مصدر مطلع من محافظة البصرة أن المخدرات منتشرة بين أبناء المحافظة بشكل كبير ومخيف حتى بين صغار السن في المدارس المتوسطة، مضيفًا أن تلك المواد تدخل إلى المحافظة بحماية ورعاية جماعات وفصائل مسلحة متنفذة وهي تتصارع فيما بينها على أتاواتٍ ومبالغ تُفرضُ على تلك المخدرات، وأن الشرطة والأحزاب الدينية التي تسيطر على المحافظة متواطئة مع تلك الجماعات وتحصل على نسبة من المبالغ المستحصلة من تجارة المخدرات".
ودعت مديرية شرطة محافظة البصرة المواطنين إلى تسليم جميع الأسلحة التي بحوزتهم خلال مدة أقصاها 10 أيام فيما أكدت أن القوات الأمنية ستبدأ بعمليات تفتيش واسعة في جميع أنحاء المحافظة بعد انتهاء المهلة المقررة، مشيرة إلى أنّه "لغرض أمن المجتمع وأمن المواطنين جميعًا وتحقيق الأمن والاستقرار تقرر تسليم جميع الأسلحة التي بحوزة المواطنين في عموم المحافظة خلال مدة أقصاها عشرة أيام، ونهيب بجميع المواطنين من أبناء محافظة البصرة تسليم الأسلحة المذكورة إلى مراكز الشرطة في جميع أنحاء المحافظة خلال المدة المذكورة من تاريخ نشر البيان وخلاف ذلك يتحمل من يمتنع من تسليم سلاحه كافة الإجراءات القانونية،
وستبدأ القوات الأمنية بعمليات تفتيش واسعة في جميع أنحاء مدن المحافظة بعد انتهاء المهلة المقررة وأن الأسلحة المشمولة هي الهاونات واعتدتها، الأحاديات واعتدتها، القاذفات وأعتدتها، الرشاشات الرباعية، الرشاشات المتوسطة، الرمانات اليدوية القناصات والأسلحة الكاتمة".
وشكّك عضو مجلس محافظة البصرة، حسام أبو الهيل، بقدرة القوات الأمنية في المحافظة على نزع الأسلحة من العشائر رغم توفر العدة والعدد لها، موضحًا أن هنالك إرادة لدى الحكومة الاتحادية والحكومة المحلية بنزع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من عموم عشائر، ومشيرًا إلى أنّ هناك تنسيق عالي المستوى بين الحكومة الاتحادية والحكومة المحلية والقيادات الأمنية في المحافظة من الممكن أن يفضي إلى وجود قوة أمنية متخصصة بنزع تلك الأسلحة من العشائر إذا لم يتم تسليمها خلال الفترة المحددة لها.
وكشف أبو الهيل عن قرب وصول قوة عسكرية من بغداد بهدف بسط الأمن بعد النزاعات العشائرية الأخيرة التي شهدتها المناطق الشمالية من المحافظة، حيث ستقوم تلك القوة بسحب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من العشائر القاطنة شمال المدينة و بسط الأمن والسيطرة فيها ودعم الأجهزة الأمنية في المدن، وشهدت محافظة البصرة أخيرًا نزاعات عشائرية متفرقة استخدمت فيها أسلحة متوسطة وثقيلة أدت إلى مقتل وإصابة العشرات، ومنذ عام 2003 تقاسمت الأحزاب المتنفذة المدن والأقضية فيها فضلاً عن أرصفة المواني على ضفاف شط العرب فكل جماعة أو حزب يبني محلات عائدة له على أرصفة تلك الموانئ كي يتاجر من خلالها لحسابه الخاص دون تدخل من الحكومة، كما امتدت الأيدي نحو النفط الخام العراقي وتهريبه عبر تلك الأرصفة لدول الجوار أو بيعه في المياه الإقليمية، فضلاً عن استخدام تلك الأرصفة لتصدير المخدرات إلى دول آسيا والخليج العربي.
وبحسب مراقبين فإن ﻣﻨﺎﺑﻊ ﺗﻬﺮﻳﺐ ﺍﻟﻤﺨﺪﺭﺍﺕ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ حيث ﻳﺒﻠﻎ ﻣﻌﺪﻝ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺳﻨﻮﻳﺎ ﻗﺮﺍﺑﺔ 4 أﻃﻨﺎﻥ تستهلك داخل العراق ﻭﻫﺬﺍ ﻓﻘﻂ ﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﺿﺒﻄﻪ، ﺃﻣﺎ الذي يمر ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺣﺠﻤﻪ إذ ﻳﺘﻢ ﺗﺴﺮﻳﺒﻪ إﻟﻰ ﺳﻮﺭﻳة ولبنان ﻭالأﺭﺩﻥ ﻭﺗﺮﻛﻴﺎ ﻭﺑﻠﻐﺎﺭﻳﺎ ﻭﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ، ﻭالاﺳﺘﻬﻼﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻳﺘﺮﻛﺰ ﻓﻲ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﻮﺳﻂ ﻭﺍﻟﺠﻨﻮﺏ، وأهم ﻣﻨﺎﻃﻖ دخول ﺍﻟﻤﺨﺪﺭﺍﺕ هي ﺍﻟﺸﻼﻣﺠﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﻤّﺮﺓ وهي معابر حدودية رئيسية بين العراق وإيران فضلاً عن وجود معابر أخرى كثيرة ﻻيمكن حصرها بسبب طول الحدود العراقية الإيرانية والأعداد الكبيرة من العصابات التي تعمل في هذا المجال.