زيورخ - العرب اليوم
اتخاذ القرارات ليس بالأمر السهل أبداً، وخصوصاً عندما يكون الإختيار رهان محفوف بالمخاطر، ولكن يبدو أن جوناثان سوريانو ليس من النوع الذي ينحني أمام الصعاب. لم يفعل ذلك عام 2009 عندما تجاهل من كان يتهمه بالجنون وانتقل للعب مع ناشئي برشلونة في الدوري الأسباني الدرجة الثالثة، بالرغم من توفره على خبرة اللعب في دوري الدرجة الأولى والثانية. ولكن قراره كان أكثر من صائب: صعد إلى الدرجة الثانية في موسمه الأول وفاز بجائزة أفضل هداف في الموسم الموالي واستدعاه بيب جوارديولا للمشاركة في الإستعدادت لما قبل بداية الموسم مع الفريق الأول. هكذا ابتسمت الحياة للمهاجم، ولكن إصابة في الركبة أفسدت مستقبله الواعد مع فريق برشلونة. وحان الوقت مرة أخرى لاتخاذ قرار صعب. بحثاً عن لعب بعض الدقائق، حزم في يناير/كانون الثاني 2011 حقائبه و غادر إلى النمسا. لم ينحني هذه المرة أيضا أمام الصعاب وخاطر... وكسب الرهان. واعترف سوريانو في حديثه مع موقع FIFA.com قائلاً: "لم أكن أتصور أنني سأحقق شيئاً مما حققته اليوم." حيث أصبح اليوم قائد فريق سالزبورج أفضل هداف في البطولات الأوروبية متفوقاً على كريستيانو رونالدو ولويس سواريز ويمتلك أيضاً أفضل متوسط تهديفي في القارة العجوز: 1.31 هدفاً في المباراة الواحدة. يعيش سوريانو في سن الـ 28 أفضل لحظة في مسيرته الإحترافية، فقد تحول إلى آلة لتسجيل الأهداف، حيث سجل هذا الموسم 39 هدفاً في جميع المسابقات. وقال بكل تواضع "أنا في منتهى السعادة. كل شيء يسير على أفضل حال. فمصير المهاجمين مرتبط دائماً بدخول الكرة الشباك واليوم أنا محظوظ جداً في هز الشباك." يضع المرمى دائماً نصب عينيه فرحة سوريانو أكبر اليوم بسبب ما عاشه قبل الوصول إلى هذه النقطة من مسيرته الإحترافية. حيث أكد قائلاً: "من الواضح أنه عندما يمر اللاعب بأوقات عصيبة ويتعرض لإصابات ويبقى غائباً لفترة طويلة عن الملاعب، كما حدث بالنسبة لي، يتمتع أكثر من غيره بمثل هذه اللحظات. تشعر وكأن تضحياتك لم تذهب سدى." إن قصة الحب التي يعيشها مع الهدف ليست وليدة اليوم بل هي مستمرة منذ موسمين، فقد تمكن الموسم الماضي، بعد تجاوزه مرحلة التكيف الصعبة مع بلد ولغة مختلفين، من تسجيل 29 هدفاً، ثلاثة منها سجلها بطريقة خاصة جداً، فبعد أن حضر ولادة ابنته الثالثة، خرج سوريانو مسرعاً من المستشفى ليصل في الوقت المناسب ليلعب على الأقل الشوط الثاني من مباراة سالزبورج ضد وولفسبرجر. كانت النتيجة متعادلة بـ 2-2، ولكن الأسباني سجل بعد دخوله ثلاثية لينهي فريقه المباراة بفوز كاسح. بفضل هذه الأهداف الغزيرة، أصبح سالزبورج تفصله نقطة واحدة للتتويج بلقب الدوري على بعد 9 جولات من انتهاء البطولة، ولكن يمكننا وصف هذا الموسم بالتاريخي حتى قبل انتهائه لأن الفريق النمساوي أصبح حديث الجميع بعد أن تأهل للمرة الأولى إلى الدور ثمن النهائي في الدوري الأوروبي إثر سحقه منافسه أياكس أمستردام الهولندي بنتيجة 6-1 في المبارتين. وقد سجل سوريانو ثلاثة من الأهداف الستة. أحد هذه الأهداف كان على إثر تسديدة صاروخية من وسط الملعب صدم بها جماهير ملعب أمستردام أرينا. وعلق عن هدفه قائلاً: "إنها من الأهداف الصعبة والتي تبقى عالقة في الأذهان. لقد سددت الكرة من مسافة بعيدة. وفزنا بـ 3-0 في ملعبهم... كان كل شيء مثالياً." مستقبل مفتوح يمكن أن يتأهل فريقه هذا الخميس إلى الدور ربع النهائي إذا تمكن من إقصاء منافسه بازل السويسري الذي استفاد من تألق حارسه للحصول على نتيجة التعادل (0-0). وحلل سوريانو مباراة الذهاب قائلاً: "لم يعد هناك مجال للمفاجأة. فقد شاهد الجميع ما فعلناه بأياكس، لهذا دخل بازل المباراة بأسلوب دفاعي وغلق المساحات." ويركز حالياً المهاجم الأسباني على مباراة الإياب ضد السويسريين، ولكنه أيضاً حذر الجميع في إشارة واضحة إلى المباراة النهائية في تورينو قائلاً: "إذا تأهلنا فلن نستبعد أي شيء رغم صعوبة المهمة." تتجه أنظار نصف أوروبا إلى سالزبورج ومهاجمه المتميز، ويبقى السؤال المطروح هو: هل حان الوقت لتغيير الأجواء والسعي للعب في فريق كبير؟ وهذا ما أجاب عنه سوريانو بكل صراحة: "انتقلت إلى هنا لأنني كنت متعباً من الجلوس على مقاعد البدلاء وهنا أعطوني فرصة اللعب، لذلك فأنا غير مقتنع كثيراً بفكرة تغيير هذا الفريق بآخر أكبر منه. ولكن هذا لا يعني أنني أرفض الفكرة من أساسها، فقط يجب علي تقييم هذا الأمر جيداً." في الوقت الراهن، لا يزال هناك ما يكفي من الوقت لتسجيل الأهداف من الآن حتى نهاية الموسم. وعندئذ سيكون الوقت مناسباً أكثر للنظر في إمكانية اتخاذ قرار آخر محفوف بالمخاطر...