يحتفل العالم غدا باليوم العالمي للأرصاد الجوية 2014 تحت شعار " الطقس والمناخ: إشراك الشباب" ، حيث يهدف الاحتفال هذا العام إلى الاهتمام أكثر بفهم الطقس والمناخ والتنبؤ بهما. وفي الوقت ذاته، سيعيش معظم هؤلاء الشباب في النصف الثاني من هذا القرن وسيواجهون التأثيرات المتزايدة للاحترار العالمي. وتشجع المنظمة (WMO) الشباب على تعلم المزيد بشأن نظام الطقس والمناخ وعلى أن يسهموا في الأنشطة المتعلقة بتغير المناخ. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد حددت يوم 23 مارس للاحتفال كل عام باليوم العالمي للأرصاد الجوية إحياءً لذكرى بدء سريان الاتفاقية التي أُنشئت بموجبها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ‏‎(WMO)‎‏ في عام ‏‎1950 ، حيث يسلط الاحتفال الضوء علي الإسهامات الكبيرة التي تقدمها المرافق الوطنية للأرصاد الجوية والهيدرولوجيا من أجل سلامة ورفاه المجتمع. وأشار ميشيل جارو الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية في رسالته بهذه المناسبة إلي الأهمية الكبيرة للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 عاماً يشكل اليوم سدس سكان العالم. ونحو 85 % من هؤلاء الشباب البالغ عددهم مليار شاب وشابة يعيشون في البلدان النامية. وهؤلاء الشباب مقارنة بأقرانهم منذ 50 عاماً فقط، يتمتعون إجمالاً بصحة وتعليم ومهارات أفضل. فالتكنولوجيا التي يعيشون في كنفها تمكنهم من تحسين تفاعلهم مع العالم من حولهم. ومع ذلك لايزال الكثير منهم يعاني الفقر والتمييز وعدم المساواة والاستغلال؛ ولايزال يتعذر على الكثير منهم الحصول على خدمات التعليم والرعاية الصحية والخدمات الأساسية الأخرى. وتتفاقم هذه المشاكل بفعل الأخطار الناجمة عن تغير المناخ والطقس القاسي، والتي تميز حياة الشباب اليوم، والتي سيكون لها أثر أقوى في العقود المقبلة. فدرجات حرارة الغلاف الجوي والمحيطات تواصل ارتفاعها، والغطاء الجليدي والأنهار الجليدية تتقلص باطراد في شتى أنحاء العالم، ومستوى سطح البحر يرتفع، والظواهر الجوية والمناخية المتطرفة تصبح أكثر تواتراً وأكثر حدة. وأشار جارو أنه ولاشك أن الأنشطة البشرية تؤثر على النظام المناخي. فمعدلات التركيز العالمي لثاني أكسيد الكربون وغازات الاحتباس الحراري الأخرى في الغلاف الجوي تواصل الارتفاع بلا هوادة وستصل إلى مستويات لم تشهدها البشرية من قبل. ومواصلة اعتمادنا الحالي على الوقود الإحفوري سيؤدي إلى احترار الكوكب بشكل كبير، قد تزيد درجة الحرارة بحلول نهاية القرن بمقدار 4 درجات مئوية قياساً بما كانت عليه قبل العصر الصناعي. ولايزال من الممكن الحد من هذا الاحترار إلى أقل من درجتين مئويتين، لكن الأمر يتطلب تخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل عاجل وكبير. وتحقيق هذا الهدف يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة وجريئة، ويمكن أن يكون شباب العالم طرفاً فاعلاً قوياً لإحداث التغيير في هذا الصدد. واتخاذ إجراءات بشأن المناخ لا يقتصر على الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، لكنه يتعلق أيضاً بالناس وبقيمهم المشتركة وكذلك بمدى استعداد كل منا عمله لتعزيز هذه القيم. والشباب مصدر للابتكار وتقديم رؤى جديدة لمعالجة المشاكل وإيجاد حلول لها. وهم ينادون بحلول عادلة ومنصفة. وبينما يستعد الجيل المقبل للعيش في ظل طقس ومناخ متغيرين، يمكن للشباب أن يؤدي دوراً فاعلاً في مراقبة طقس ومناخ اليوم والغد وفهمهما والتجاوب معهما. فالشباب لديهم القدرة على إذكاء الوعي بشأن المناخ والتخفيف من آثاره والتكيف معه، ولكن من أجل إطلاق العنان لإمكانات الشباب كاملة لمعالجة تغير المناخ، يلزم علينا إيجاد السبل لإشراكهم في صياغة وتنفيذ السياسات التي تؤثر فيهم اليوم وغداً. وذكر جارو أن هناك تحسنا في الفهم العلمي لكيفية التفاعل بين الغلاف الجوي والمحيطات واليابسة والماء، والذي ينتج عنه الطقس والمناخ، مما يجعل من الأيسر بشكل متزايد إصدار تنبؤات متواصلة ومتسقة بالطقس والمناخ. وقد طورت دوائر المنظمة بالفعل أدوات لفهم الطقس والمناخ والتنبؤ بهما، وستصبح هذه الأدوات في العقود المقبلة أكثر مهارة وانتشاراً واستخداماً وستعزز نواتج وخدمات المعلومات المستندة إلى التنبؤات المناخية، من قدرتنا على التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه، وكذلك على مواصلة التنمية المستدامة مما سيمكننا من الاستعداد بشكل أفضل لمواجهة العواصف والفيضانات وموجات الحرارة التي ستحدث في المستقبل، وسيساعد المزارعين على تحسين تنظيم فترات الغرس والحصاد، وسيزيد من سلامة السفن والملاحة الجوية ، وسيتكمن الشباب الذين يختارون الأرصاد الجوية أو الهيدرولوجيا أو علم المناخ ليكون مجال عملهم من أداء دور تتزايد أهميته، ومن ثم سيسهمون بشكل حيوي في سلامة ورفاه مجتمعاتهم وبلدانهم. وأكد جارو علي إن تغير المناخ يجعل المستقبل غير واضح المعالم، ومع ذلك، وعلى الرغم من عدم وضوح صورة المستقبل، فإن ثمة شيئاً واضحاً، ألا وهو أن مجتمعنا لا يتحمل المسؤولية عن نفسه فحسب، بل عن الأجيال القادمة أيضاً، فشباب اليوم سيعيش في النصف الثاني من هذا القرن، وما لم نتخذ إجراءات عاجلة، فإنه سيشهد الآثار القاسية لتغير المناخ التي ينص عليها آخر تقييم صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. ورهناً بنتيجة الخيارات التي نتخذها اليوم، سيضطلع الشباب بدور رئيسي في تشكيل مستقبل الأرض. ولئن كانت التحديات التي تواجه الأجيال القادمة هائلة، فإن الفرص المتاحة للتصدي لها لم تكن قط أكبر مما هي عليه الآن. وتقوم المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)بتوحيد وتنسيق أنشطة الحد من مخاطر الكوارث مع المنظمات الدولية والإقليمية والوطنية الأخرى، كما تقوم بتنسيق الجهود التي تبذلها المرافق الوطنية للأرصاد الجوية والهيدرولوجيا (NMHSs) من أجل الحد من الخسائر في الأرواح والممتلكات من خلال تحسين خدمات التنبؤ والإنذار المبكر وتقييم المخاطر، وكذلك من أجل إذكاء وعي الجمهور. وينصب التركيز في عملية الحد من مخاطر الكوارث على أن استثمار دولار واحد على التأهب للكوارث يمكن أن يحول دون وقوع خسائر اقتصادية متصلة بالكوارث قدرها 7 دولارات وهو عائد استثماري كبير. وتهدف المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى تخفيض متوسط عدد الوفيات التي حدثت بسبب الكوارث الطبيعية المتصلة بالطقس والمناخ والماء في السنوات العشر المنقضية بين عام 1994 وعام 2003 بنسبة 50 % بحلول عام 2019 . وتحدث الأخطار الطبيعية على نطاقات زمنية ومكانية مختلفة، وكل منها فريد في طبيعته. فتتسم أعاصير التورنيدو والفيضانات الخاطفة بأنها ظواهر قصيرة المدة ولكنها عنيفة تؤثر على مناطق صغيرة نسبياً. وبخلاف ذلك، فالجفاف مثلاً يستشري ببطء ولكنه يمكن أن يؤثر على معظم أنحاء قارة من القارات وعلى جميع السكان لشهور أو حتى لسنوات. ويمكن أن تنطوي ظاهرة جوية متطرفة على أخطار عديدة في آن واحد، أو تنطوي على أخطار متعددة سريعة التعاقب. ويمكن أن تؤدي العواصف المدارية ، وكذلك الرياح الشديدة والأمطار الغزيرة إلى حدوث فيضانات وانهيالات وحلية. وفي خطوط العرض المعتدلة، يمكن أن يكون الطقس القاسي في فصل الصيف (العواصف الرعدية والبرقية أو أعاصير التورنيدو) مصحوباً ببرد كثيف وفيضانات خاطفة. وقد تسهم أيضاً العواصف الشتوية المصحوبة برياح شديدة وثلوج غزيرة أو أمطار متجمدة في حدوث تيهورات في بعض المنحدرات الجبلية وفي حدوث جريان سطحي وفيضانات شديدة لاحقة في موسم الذوبان. ويقع على عاتق بعض المرافق الوطنية للأرصاد الجوية والهيدرولوجيا والمراكز المتخصصة مسؤولية تقصي الأخطار الجيوفيزيائية ، بما في ذلك الانفجارات البركانية (الرماد المنقول عن طريق الجو) والأمواج السنامية والمواد الخطرة المحمولة جواً (النويدات المشعة والمواد البيولوجية والكيميائية) والتلوث الحضري الحاد. وخلال العقود الأربعة الماضية ، لقي أكثر من مليون شخص في أفقر دول العالم حتفهم جراء كوارث مرتبطة بالمناخ ( وهو أكثر من خمسة أضعاف المتوسط العالمي ) إلا أن تمويل خطط التكيف مع هذه الكوارث لايزال لا يأخذ ذلك بعين الاعتبار، ذلك وفقاً لورقة بحثية جديدة صدرت خلال محادثات الأمم المتحدة حول تغير المناخ في وارسو. وتشير الورقة التي حملت عنوان "عبء نتقاسمه جميعاً" ، معالجة التأثيرات المناخية غير متكافئة في البلدان الأقل نمواً إلى أن أقل من سبع مبلغ الـ 5 مليار دولار اللازم لتمويل مشروعات التكيف مع تغير المناخ الأكثر إلحاحاً في البلدان الأقل نمواً قد تم توفيره من قبل البلدان الغنية ، وهو جزء صغير من إنفاقها السنوي على مواجهة الكوارث في بلدانها وعلى دعم أسعار الوقود الأحفوري على الصعيد العالمي. ومن الجدير بالذكر أن المبلغ الذي تحتاجه البلدان الفقيرة يتناقض بشدة مع المبلغ الذي تنفقه البلدان في جميع أنحاء العالم على الدفاع والذي يبلغ 4.6 مليار دولار يومياً ، والتريليون دولار التي أنفقها العالم على دعم الوقود الأحفوري في عام 2012 وحده . وقد قامت الورقة التي صدرت بالتعاون بين المعهد الدولي للبيئة والتنمية ومركز براون للدراسات البيئية (بجامعة براون في الولايات المتحدة)، بتحليل بيانات الوفيات في 49 بلداً من البلدان الأقل نمواً والمستقاة من مركز أبحاث الأوبئة الناجمة عن الكوارث ومقره بلجيكا، للفترة من يناير 1980 إلى يوليو 2013. وقد وجدت الورقة أن 1.28 مليون شخص قد لقوا حتفهم في كوارث مرتبطة بالمناخ في تلك البلدان وحدها. وخلال الفترة من يناير 2010 إلى يوليو 2013، ارتفع عدد الوفيات إلى نسبة مذهلة بلغت 67 % من المجموع العالمي، ليصل إلى 5.5 أضعاف إجمالي المعدل العالمي للوفاة للفرد نتيجة الكوارث المرتبطة بالمناخ . وقد كان أحد أكبر الأحداث هو الجفاف والمجاعة التي أصابت شرق أفريقيا في عام 2011 ، والتي أودت بحياة ما بين50 ألفا إلى 100 ألف شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال دون سن الخامسة. ولم يتلق صندوق أقل البلدان نمواً الذي أنشئ في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المعنية بتغير المناخ سوى 679 مليون دولار وينقصه على الأقل 4.2 مليار دولار أخرى لدعم مشروعات التكيف القائمة. وقد أنشئ الصندوق لتمويل المشروعات وفقاً للاحتياجات العاجلة التي تحددها البلدان في إطار برامج العمل الوطنية الخاصة بالتكيف. وأشار مؤلفو الورقة، بما في ذلك "با عثمان جرجو" ، مبعوث غينيا الخاص للمناخ والرئيس السابق لمجموعة البلدان الأقل نمواً في محادثات الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ ، إلى أنه حتى عملية وضع برامج العمل الوطنية الخاصة بالتكيف أعيقت بسبب عدم كفاية القدرات الإدارية ونقص التمويل، وأن الدول قد استخدمت أساليب مختلفة لتسجيل التأثر الاجتماعي والاقتصادي والبيئي بالضغوط والمخاطر المناخية. ونظراً لحقيقة أن الكوارث المناخية تودي بالفعل بحياة العديد من الأرواح في البلدان الفقيرة، ربما يكون الوضع قد تجاوز مرحلة التكيف، وربما تحتاج البلدان الأقل نمواً إلى أن تسعى لتصحيح الأوضاع من خلال إنشاء آلية ممكنة لمواجهة الخسائر والأضرار. وقال ديفيد كيبليت من مركز براون وهو أحد مؤلفي الورقة، إلي الحاجة إلى زيادة حجم التمويل من أجل دعم جهود التكيف في البلدان الأقل نمواً لم تكن أكبر مما هي عليه الآن. وسيكون للتمويل الكامل لتنفيذ خطط التكيف التي وضعتها تلك البلدان كجزء من برامج العمل الوطنية الخاصة بالتكيف فوائد لا تعد ولا تحصى فيما يتعلق بإنقاذ الأرواح وحماية مصادر كسب العيش وذكر كيبليت إلي أن بناء القدرة على مواجهة الكوارث في المستقبل. في الوقت نفسه ، وبسبب ضعف الإجراءات المتخذة من قبل الدول الغنية للحد من تغير المناخ وتوفير التمويل الكافي للتكيف ، هناك أيضاً الآن كوارث مناخية لا يمكن التكييف معها بسهولة. ولذلك نجد أن هذا السياق العالمي المتحول، وأوجه عدم المساواة التي يفاقمها ، تحتم وجود آلية واضحة لمواجهة الخسائر والأضرار .