خصص الكاتب الصحافي الأميركي توماس فريدمان مقالًا للحديث عن مياه الصرف الصحي والمياه غير المعالجة الجارية أو الراكدة بين إسرائيل والضفة الغربية، قائلاً: "لم أكن أتصور مطلقًا أنه إلى هذا الحد يمكن أن تكون النفايات السياسية والمياه القذرة بما يؤكد أهمية إنجاز السلام في المنطقة". ونوه فريدمان- على الموقع الإلكتروني لصحيفة نيويورك تايمز- عن عرض كانت ألمانيا تقدمت به لتمويل تدشين محطة لمعالجة المياه، لكن حال دون إنشائها اختلاف إسرائيل والسلطة الفلسطينية طوال عشرين عاما كاملة، حول كيفية تقسيم المياه بعد معالجتها.. ولم يبق غير الطبيعة للتصدي لهذه المشكلة، فبذلت هذه أقصى جهدها لتنقية المياه عبر تسييرها لتنتهي بالاستقرار فى غور الأردن، حيث يستخدم المستوطنون اليهود بعضا منها بعد علاج طبيعي ضعيف لري أشجار النخيل، أما بقية المياه فينتهي بها المسير إلى البحر الميت، ولحسن الحظ أنه ميت بالفعل. وقال الكاتب الأميركي: لقد خلصنا عبر الأعوام القليلة الماضية إلى الوقوف على حقيقة عدم تناغم الحدود الاستعمارية بمنطقة الشرق الأوسط مع الحدود العرقية والطائفية والقبلية، وإن هذا أحد أسباب تفكك بعض الدول العربية.. ولكن لا يوجد تناغم بين حدود النظم البيئية وأى حدود أو جُدر عازلة.. وحقيقة عجز الإسرائيليين والفلسطينيين عن التوصل لاتفاق حول تقسيم الموارد على نحو يؤهل الجانبين للتعامل مع النظام البيئي ككل، لا تزال تلاحق كل منهما. وعاد فريدمان بالأذهان إلى كانون الثاني من العام الماضي عندما هطلت على المنطقة ثلوج وأمطار غزيرة بسبب إعصار هائل لتنحدر المياه بقوة إلى مجرى ألكسندر المائي النابع من جبال السامرة القريبة من نابلس بالضفة الغربية متجهة صوب إسرائيل، حيث فاضت، وبدلا من أن يمضي فيض المياه الجارف من أسفل الجدار الأسمنتي الذي نصبته إسرائيل حول الضفة الغربية للحيلولة دون مرور الانتحاريين الفلسطينيين، نسف جزءا من الجدار.. إنها الطبيعة أُمّنا تهزأ مما يقيمه أبناؤها من حدود أو كما تسمى "خطوط خضراء". والتفت فريدمان إلى قطاع عزة تحت الإدارة الحمساوية التي وصفها بالبالغة السوء؛ مشيرا إلى أن القطاع يضخ كافة مياه شربه من مياهه الجوفية الساحلية بمقدار ثلاثة أمثال معدل الشحن المتجدد لخزان تلك المياه، ونتيجة لذلك تتسرب المياه المالحة. وأشار الكاتب إلى تحذير أطلقته الأمم المتحدة العام الماضي بالقول إنه بقدوم عام 2016 لن يكون هناك مياه صالحة للشرب باقية في خزان المياه الجوفية الرئيسي في غزة. ونوه فريدمان عن عدم امتلاك غزة لمحطة ضخمة لتحلية المياه وحتى لو كان لديها، فإنها لا تملك الكهرباء اللازمة لتشغيلها على أية حال، وقال إنه لا يريد أن يكون بالقطاع عندما يعاني 5.1 مليون غزاوى العطش. وأشار الكاتب الأميركي إلى أن الإسرائيليين والفلسطينيين والأردنيين يمتلكون في الواقع كافة الموارد التي يحتاجونها لرعاية بعضهم البعض، لكن فقط إذا تعاونوا لتلك الغاية، قائلًا: "إن إسرائيل باعتبارها خبيرة في تحلية المياه المالحة ومعالجة مياه الصرف يمكنها استخدام غازها الطبيعى الرخيص جنبا إلى جنب مع الطاقة الشمسية المتولدة في الأردن بصحرائه المشمسة، من أجل تحلية المياه ومعالجتها لنفسها ولغزة والأردن والسلطة الفلسطينية.