مزارعو الباحة

في مثل هذا الوقت من كل عام يبدأ مزارعو منطقة الباحة موسم حصاد حبوب القمح والشعير البلدي , وهو ما يعرف بموسم "الصرام" الذي تكتظ فيه المدرجات الجبلية بالأهالي لجني ثمار ما زرعته أيدهم طيلة نصف عام.
وفي المقابل وبعد اكتمال "الصرام" تبدأ عملية زراعة الذرة والحنطة ليتم جني حبوبها في النصف الآخر من العام , وهكذا تسير حياة مزارعو الحبوب في جبال الباحة التي حباها الله الأجواء الماطرة والتربة الخصبة التي لا تحتاج إلى الأسمدة.
ويروي المزارع سعيد بن جبران الذي رصدته عدسة " واس " مع حفيده أثناء حصادهم لمحصول مزرعتهم من الشعير البلدي , مراحل زراعة الحبوب بالمنطقة التي تستغرق في الغالب من الأربعة إلى الستة أشهر , حيث تبدأ ببذر الحبوب بالطرق التقليدية لتتغذى من مياه الأمطار وعبر المدرجات التي شكلت بطرق هندسية تعمل على حفظ المياه وتوزيعها من مدرج لآخر بطرق ري تقنية , ومن ثم يبدأ موسم " الصرام " للأرض الذي يتبعه مرحلة "الدياس" التي تتم عبر مكائن خاصة تعمل على فصل الحبوب عن السنابل , ليتم بعدها تعبئة الحبوب في الأكياس الكبيرة التي تزن قرابة الـ 50 كيلو جرام , وبيعها في الأسواق .وتتفاوت أسعار منتجات الحبوب في المنطقة بحسب نوعها ومكان زراعتها , حيث تصل قيمة كيس القمح قرابة الـ 300 ريال , فيما يتراوح سعر الشعير من 200-280 ريالاً للكيس , وكذا الحال بالنسبة للذرة والحنطة اللتان لا تبعد أسعارهما كثيراً عن الحبوب الأخرى .
وبحسب مدير عام الشؤون الزراعية في منطقة الباحة المهندس سعيد بن جار الله الغامدي , فإن إنتاج مزارع الباحة الجبلية من حبوب القمح يصل لقرابة الخمسة أطنان سنوياً , في حين أن كمية إنتاج الأنواع الأخرى من الحبوب كالشعير البلدي والذرة والحنطة تقل عن إنتاج القمح بنسب متفاوتة تصل إلى أقل من الربع , مشيراً إلى أن جميع هذه الحبوب التي تنتج في المزارع الجبلية يمكن حصرها في 50 قرية بسراة المنطقة ، حيث تضم تلك القرى مجموعات متفاوتة من المزارع والحيازات التي غالباً ما تكون في هيئة مدرجات .
ولفت المهندس الغامدي النظر في هذا السياق إلى ما قدمته وتسعى لتقديمه جمعية المزارعين بالمنطقة من تسهيلات ودعم فني وتقني لجميع مزارعي المنطقة وخاصة مزارعي الحبوب ، نظراً لما تمثله منتجاتهم من أهمية كبيرة سواء كناحية اقتصادية أو صحية بما تحمله من فوائد غذائية جمة ، داعياً جميع أهالي المنطقة للاستفادة من الجمعية لإعادة إحياء مزارعهم القديمة ، من خلال تقديم الاستشارات والدعم والدراسات اللازمة التي تسهم في تثقيفهم وتوعيتهم بالطرق الزراعية الصحيحة .
وتظل زراعة الحبوب واحدة من المهن التي عاش عليها أهالي المنطقة لسنين طوال ، حيث كان يشترك فيها كافة أفراد الأسرة من الرجال والنساء ، بحثاً عن لقمة العيش سواء ما يكتنزونه لأنفسهم من الغذاء أو ما يبيعونه لأسواق المناطق المجاورة ، ومنها مكة المكرمة التي شكلت لها الباحة قديماً سلة غذاء لمختلف أنواع الحبوب والفواكه والخضروات .