بالتّعاون ما بين متحف البحرين الوطنيّ ومتحف شكيب سابانجي، كانت منامة الفنّ على موعد مع العديد من روائع المقتنيات الفنّيّة والمخطوطات التّركيّة في معرض (خمسمائة عامٍ من الخطّ الإسلاميّ – روائع من متحف شكيب سابانجي)، الذي دشّنته معالي وزيرة الثّقافة الشّيخة ميّ بنت محمّد آل خليفة مساء اليوم (الأحد، الموافق19يناير 2014 ) بمتحف البحرين الوطنيَ، بحضور عدد من أفراد السلك الدبلوماسي في المملكة والمهتمّين بالمخطوطات الأثريّة والموروثات الفنّيّة. ويتقاسم المعرض التّركيّ مع المنامة مجموعاتٍ تراثيّة وفنّيّة جميلة توثّق مراحل مختلفة من ممارسات الفنّ وإرث الدّول والسّلاطين والكُتّاب في تركيا، كما يتضمّن بعض المقتنيات النّادرة والأثريّة التي يختصّ بها متحف شكيب سابانجي. وأعربت معالي وزيرة الثّقافة عن سعادتها بهذا التّعاون والتّواصل من خلال الخطّ الإسلاميّ، والموروث الفنّيّ التّاريخيَ، قائلةً: (منامة الفنّ قادرة على ملامسة الجماليّات أينما كانت ومن أيّ زمان. نحن اليوم أمام مجموعات نادرة لا تشرح التّاريخ التّركيّ فقط، بل تنسج تأريخ المنطقة وتكشف عن لغة الإنسان الفنّيّة ومعاملته للّغة الخاصَة به بمحبّة تنعكس من خلال دمجه للخطوط بالفنّ). وأشارت إلى المجموعات الفنّيّة والمخطوطات باعتبارها توثيقًا للعلاقة ما بين الإنسان ولغته المكتوبة أو المرسومة، مردفةً: (الإنسان ينهمك في لغته وأدواته التّعبيريّة ناقلاً إليها الجمال الذي يرغب في رؤيته ويصنعه. كلّ ما بين أيدينا اليوم يفصح عن تعامل إنسانيّ دقيق عن شكل العلاقة بين الإنسان ولغته التّعبيريّة أو النّصّ الذي يصنعه. الفنّ هو أجمل ما تنتجه تلك الإنسانيّات، وهو ما يؤرّخ لها حضاراتها وتأريخها). تغطّي مجموعة المقتنيات الرّائعة التي يجيء بها المتحف التّركيّ الفترة الزّمنيّة المتراوحة ما بين أواخر القرن الرّابع عشر وحتّى مطلع القرن العشرين، وتشمل مصاحف وكتبَ أدعيةٍ مذهّبة ومكتوبة بخطّ اليد، تركيبات من فنّ الخطّ صُمّمت بنصوصٍ من الآيات القرآنيّة والأحاديث النّبويّة الشّريفة، إلى جانب العديد من الأقوال المأثورة المكتوبة بيدِ أساتذة الخطّ العثمانيّين. كما يقدّم المعرض ضمن مقتنياته العديد من الوثائق العثمانيّة التي تحمل أختام وتوقيعات السّلاطين في الفترة العثمانيّة، ونماذج لأدوات يستخدمها الخطّاطون في مشغولاتهم. ومن ضمن المجموعة الفنّيّة ستكون هنالك النّسخة الوحيدة المعروفة من القرآن الكريم التي كتبها الأمير العثمانيّ كوركوت شاه زاده ابن السّلطان بايزيد الثّاني، إلى جانب كتابٍ من القصائد الغنائيّة الفارسيّة للشّاعر إفشاخيّ في مديح السّلطان بايزيد الثّاني الذي كتب مجموعته بخطّ النّستعليق وذُهّبَ بطريقة فائقة الرّوعة. ومن ضمن التّشكيلة الفنّيّة، يشارك متحف شكيب سابانجي بتركيبات فنّ الخطّ المعروفة بالقِطعة، والتي تمثّل تركيبة مؤلّفة من عبارات مقتبسةٍ قصيرة داخل إطار محاطٍ بلويحات مستطيلة الشّكل في المساحات المجاورة للكلام المكتوب، تُجمع في ألبومات تُعرَف بالمرقّعات وتعود إلى القرن الثّامن عشر. كما ستكون هنالك مجموعة من لوحات الخطّ التي اعتُبِرت في بعض مراحل الدّولة العثمانيّة وسيلة الكتابة بالخطّ العثمانيّ. أمّا بالنّسبة للمجموعات الخطّيّة المذهّبة المشهورة، فيقدّم المعرض مجموعةً واسعة ونادرةً بالأسلوبين التّقليديّ والرّوكوكو (التّركيّ المستلهَم من الفنّ الغربيّ)، إلى جانب العديد من المقتنيات الأخرى. تجدر الإشارة إلى أنّ السّيّد شكيب سابانجي، مؤسّس متحف شكيب سابانجي أحد أهمّ رجال الأعمال في تركيا. وقد بدأ بجمع مجموعة مقتنياته في سبعينيّات القرن العشرين، وسرعان ما أصبح جامِعًا متحمّسًا للأعمال الفنّيّة، وقام بتأسيس متحف ليتسنّى للجمهور فرصة رؤية مجموعته والاستمتاع بها. وقد عُرِضت مجموعته في كبرى المتاحف والمعارض الأوروبيّة منذ العام 1989م. وفي العام 2002م، سابانجي بالتّبرّرع بمنزل العائلة الواقع في حيّ أميغران القديم لجامعة سابانجي لاستخدامه كمتحف لعرض مجموعة مقتنياته من فنّ الخطّ التّركيّ والإسلاميّ والتّذهيب والتّجليد والرّسومات، تحت رعاية جامعة سابانجي لتتماشى والمعايير الأكاديميّة والمقاربات المعاصرة التي تُدار المتاحف وفقها، وذلك بهدف الوصول إلى الجمهور كافّة من مختلف الفئات العمريّة وتعريفهم بتلك الفنون التّقليديّة التّراثيّة.