مان راي هو اسم يعرفه طلبة التصوير الفوتوغرافي بشكل جيد، فتجربته وابتكاره لأسلوب التشميس (solarisation) دفع مجال التصوير لمستويات جديدة. ويقدم المعرض الوطني للتصوير، الذي افتتح مؤخرا في لندن، أكثر من 150 لوحة تصويرية من حصيلة إنتاجه المطبوع، التقطت بين عامي 1916 حتى 1968 وغالبيتها لم يسبق عرضها في لندن من قبل. ولد مان راي في إيمانويل رادينيتسكي في ولاية فلاديلفيا بالولايات المتحدة عام 1890 وقضى سنوات عمره المبكرة في نيويورك إذ كرس وقته للرسم بالطلاء. لكنه في الوقت ذاته كان يعلم نفسه التصوير وهو الجهد الذي مكنه من إنتاج أعمال فنية كثيرة. في عام 1915 قابل الفنان الفرنسي مارسيل دوتشامب، وقاده هذا التعارف إلى باريس وتغيرت طبيعة عمله بعد تأثره بحركتي السريالية والدادائية (وهي حركة تحارب الفن الداعم للحرب) واللتين كانتا سائدتين هذا الوقت. و قادت تجربة راي في مجال التصوير إلى إنتاج كاميرا لا تستخدم طريقة (ريوغراف)، كما استطاع بالتعاون مع المصور لي ميللر ابتكار أسلوب التشميس. ويقوم هذا الأسلوب على تسجيل الصورة على صورة مطبوعة على أساس أن تكون الألوان متعارضة تماما أو جزئيا مع لونها الأصلي حيث تظهر مناطق اللون الأبيض سوداء اللون وتظهر المناطق السوداء بيضاء اللون بدرجات متفاوتة. وتطبع الصورة بشكل نهائي بألوانها الطبيعية، واستخدم هذا الأسلوب في إنتاج بورتريه ميللر الموجود في أعلى الصفحة. وكتب دوتشامب :"كان هذا هو الإنجاز الذي حققه مان راي والذي استطاع من خلاله التعامل مع الكاميرا كما تعامل مع فرشاة الطلاء، ليحولها لمجرد أداة لخدمة العقل." ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية رحل إلى هوليوود وقضى معظم وقته في الرسم، وأنتج عددا كبيرا جدا من اللوحات التصويرية للعديد من نجوم السينما. ثم عاد راي إلى باريس عام 1951 وبقي هناك حتى وفاته عام 1976، وقام بتجريب إعادة رسم عدد من لوحاته الشهيرة بالألوان. وراعى المعرض التسلسل الزمني للوحات المعروضة، واللوحات التي رسمت للمجموعات الخاصة. وكانت اللوحات التي أعارتها المتاحف للمعرض من أرشيف اللوحات الموثوقة لمان راي، مذهلة للغاية. وتجد في المعرض صورا للمشاهير موضوعة جنبا إلى جنب مع صور فنانين وأصدقاء ومحبي الفنان الامريكي. وامتد تاثير راي إلى كل مكان وشمل مصورين مثل بيرنس آبوت وبيل برانديت، وكلاهما تشكلت رؤيته من خلال مان راي. لكن أعماله أيضا شهدت انتشارا على نطاق واسع في المجلات المصورة الشهيرة واسعة الانتشار، مثل فو فوج وفانيتي فير. وفي مقدمة الكتاب الذي رافق المعرض أشار تيرنس بيبر أمين المعرض إلى أن مان راي استطاع أن يذهل ويسعد جمهوره من خلال إطلاق أفكارهم خارج حدود البيئة المحيطة. وتصور إحدى لوحاته ملونات ناعومي سافج التي عملت معه لمرة واحدة، ثم احترفت التصوير بعد ذلك. وهي بلا شك متأثرة بمان راي، واستطاعت هي الأخرى ابتكار عملية جديدة في التصوير يطلق عليها الطباعة التصويرية. قال لها مان راي "لست في حاجة إلى جمهور كبير، يمكنك ان تكتفي بخمسة أو ستة أشخاص يهتمون بك ويرغبون في تشجيعك، لا تقلقي من المثالية والتطبيق العملي، وحاولي الحصول على ثمن ما تفعلينه، فإن لم تستطيعي فلا تقلقي من هذا، فقط واصلي العمل، فسوف يأتي إليك التعويض في الوقت المناسب." وربما تكون نصيحة جيدة، وإذا كانت قد أفادتها، فربما تستطيع مساعدة آخرين اليوم، ولكن هناك شيء واحد مؤكد، وهو أن هذا المعرض لأعمال مان راي سينجح في جذب أكثر من خمس أو ست أشخاص يهتمون به.