القاهرة ـ وكالات
«نزيف الحجر» رائعة الروائى العالمى الليبى «إبراهيم الكونى» صدرت مؤخرًا فى طبعة جديدة عن الدار المصرية اللبنانية، وهو التعاون الأول بين «الكونى» والدار التى ستتولى طبع بقية أعماله الإبداعية والفكرية، لتكون فى طبعة شعبية بين يدى القارئ العربى، فى مشروع كبير، تحاول به الدار وضع كبار الأدباء العرب والشعراء والمفكرين، ضمن المناخ المصرى، بحيث لا يقتصر استهلاك هؤلاء الكبار على الأدباء فيما بين بعضهم البعض. نزيف الحجر، صدرت طبعتها الأولى عام 1990، ولم تعد متاحة بين القراء العرب، وأعادت الدار طباعتها لتعيدها إلى الذاكرة الإبداعية العربية، تختبر هذه الرواية العلاقات القائمة بين الإنسان وغيره من المخلوقات ويصعّد «الكونى» هذه العلاقة حتى يحل الحيوان «حيوان الصحراء» محل الإنسان ويحل الإنسان فى الحيوان. وتتمثل مادة الحكاية فى سر العلاقة التى تقوم بين الشخصية المحورية فى الرواية (أسوف) والودّان، وهو تيس جبلى تقول لنا الكتب إنه انقرض منذ بدايات القرن السابع عشر ولكنه ظل موجودًا فى الصحراء الكبرى. ثمة غموض يحيط بهذا الحيوان الذى يقول عنه أسوف إنه «روح الجبل»، فهو يعتصم بالجبل إذا طورد، وفى لحمه يكمن سر من أسرار الوجود، كما يقول شيوخ الصوفية. وتقوم بين أسوف والودّان علاقة سرية معقدة يحل فيها الودّان فى جسد أسوف ويرى فيه الأخير أباه الذى صرعه الودّان لأنه لم يحافظ على عهده بعدم صيده . تتحدث الحكاية عن الصراع الأزلى بين البشر أنفسهم، وصراعهم كذلك مع الطبيعة القاسية. إنها حكاية الوجود، حيث يعمل «الكونى» على تحوير علاقات الصراع هذه وتوجيهها فى سياق علاقتين محوريتين: علاقة أسوف مع الودّان (وكيف يحل الودّان محله) حيث يصبح الودّان أخًا بالدم بعد موت الأب، ويتم تصعيد هذه العلاقة إلى علاقة ذات طابع أسطورى تتوازى مع أساطير الخصب فى وادى النيل وفى منطقة الرافدين، حيث يخصب دم أسوف جسد الصحراء العطش، أما العلاقة الثانية فتتمثل فى حكاية أسوف مع قابيل، آكل اللحم النيئ الذى شرب دم الغزالة ليعيش بعد موت أبويه فتاق إلى دم أخيه الإنسان. وتُرجّع هذه الحكاية صدى حكاية قابيل وهابيل التى تمثل بدورها الصراع الأزلى بين بنى البشر . سيرة الكونى مليئة بالحياة والإبداع اختارته مجلة «لير» الفرنسية بين خمسين روائيًا من العالم اعتبرتهم يمثلون اليوم «أدب القرن الحادى والعشرين»، وسمتهم «خمسون كاتبًا للغد». وفاز بجائزة الشيخ زايد للكتاب فرع الآداب فى دورتها الثانية 2008 – 2007.