القاهرة ـ وكالات
لا يشعر الأهل بمعنى الفرحة إلا برقصته، ولا تنتهي مشاجراته مع زوجته حول الفلوس التي يدفعها نقوطا للرقص في أفراح الناس.. رشاقته لفتاته، خطواته المنغمة، عصاه الشامخة، مداعباته لنافخ المزمار، وتغيير مسار الرقصة بمهارة، كل هذا يقفز إلى رأسي وأنا أراه يخرج العشرة جنيهات التي أخفاها عن عيني أمي يدفعها لريس الفرقة بيد مرتعشة مهتزة، لا تليق بتاريخ راقص مثله.. بالتأكيد هو يعلم مدى عشقي لرقصه، فيحاول الاحتفاظ برشاقة خطواته، يتمهل بين لفتة وأخرى. لم أخف إعجابا ما زال يملؤني به، يعود إلى صوته مجلجلا بالكلمة المعتادة لبداية الرقصة: سو ـ سو ـ سو، ودقة عصاه الفتية على الأرض، وبفرحتي الطفولية أصفق له، لا أحول عنه نظري، يغمز لي أن أدخل حلبته، تتعالى صيحات الإعجاب بالثنائي الراقص. تدهشه نظرات المحلقين حولنا، يخطفني بسرعة، وفي حضنه يخبئني من العيون، أتشمم رائحة عرقه، يمنحني دفئه، يمضي بي.. أتصنع النوم لأحتفظ بوضعي عاليا فوق ذراعيه أو أعلى كتفيه، أتمنى أن أغافله لحظة وأفتح عيني لأرى السماء وهي قريبة.. كانت أبعد من رأسه بشبرين.