دمشق - سانا
لم تستطع نيران القذائف الحاقدة التي طالت مدارسهم فأفقدتهم أعز أصدقائهم ومدرسيهم أن تثنيهم عن التمسك بأحلامهم والأمل بمستقبل سورية فلم تسكت حناجرهم عن الغناء ولم تكف أيديهم الصغيرة عن إبداع أجمل اللوحات ليجتمعوا في دار الأوبرا ويقولوا بصوت عال عبر فعالية "أبعدوا الحرب عنا" من حقنا أن نعيش. ففعالية "أبعدوا الحرب عنا" مبادرة من أطفال سورية أقيمت مساء أمس بالتعاون بين وزارتي الثقافة والتربية لمشاركتهم ألمهم من الحرب وأملهم في السلام وصرختهم إلى العالم لوقف الحرب الإرهابية التي يتعرض لها بلدهم والتي وصلت إلى الاستهداف الممنهج للمدارس. وتضمنت الفعالية معرض صور ورسومات لأطفال المدارس عبروا من خلالها عن أحلامهم وأحزانهم برسم صورة أو تشكيل أو رسالة أرادوا توجيهها إلى الجهات المعنية في الدولة للتأكيد على دورها في حمايتهم إضافة إلى رسائل لمنظمة الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان وحقوق الطفل. كما تضمنت فعالية "أبعدوا الحرب عنا" عرضا توثيقيا للمدارس المتضررة شمل صورا وإحصاءات قدمتها وزارتا التربية والثقافة والهيئة السورية لشؤون الأسرة. وقال الدكتور هزوان الوز وزير التربية في تصريح لـ سانا: "إن الجهات الحكومية كافة تعمل لمواجهة تداعيات الارهاب الذي تمارسه المجموعات المسلحة بحق الطفولة والمدارس إضافة إلى تعاون أعضاء مجلس الشعب حيث تم اعداد ملف كامل حول الأضرار التي تعرض لها القطاع التربوي باستثناء بعض المناطق الساخنة التي يصعب الوصول إليها". وأشار الوزير الوز إلى التضحيات التي قدمها العاملون في القطاع التربوي خلال مراحل الحرب الكونية الإرهابية ضد سورية وقال "إن جميع الزملاء في الحقل التربوي هم جنود بكل ما للكلمة من معنى ويقومون بدور يتكامل مع بواسل قواتنا المسلحة وبقية قطاعات المجتمع". وبين وزير التربية أن الوزارة تعمل على المواجهة الآنية لمختلف الظروف والطوارئ حيث اتخذت جملة من القرارات في هذا الأمر موضحا أن إقلاع العام الدارسي خلال السنتين الماضيتين هو رهان الوطن الرابح فعندما تكون هناك عملية تربوية يكون الوطن بخير.. مشيرا إلى أن "مستقبل هذا الوطن من خلال هؤلاء الأطفال ولن نسمح لأحد بأن يغتال هذا المستقبل لأن إرادة الشعب السوري أكبر من أي تحد وإرهاب". وأضاف "لم نأت إلى هذه الفعالية لتخفيف الحزن أو مسح دمعة عن وجوه أطفالنا فحسب بل لنساهم أيضا في تنمية العملية التربوية ونشكل مع أطفالنا قوة مشتركة للدفاع عن الوطن والوقوف في وجه الإرهاب". بدورها أكدت ماريا سعادة عضو مجلس الشعب في كلمة لها خلال افتتاح الفعالية "إن سورية تتعرض لحرب إرهابية كبيرة تستهدف عمق المجتمع" وقالت "إن هذه الحرب تطول أطفالنا في مدارسهم وبطريقة ممنهجة وهذا يتجاوز كل أنواع الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية ما يضعنا جميعا أمام مسؤولياتنا وهي مسؤولية الجميع في الداخل والخارج". وتابعت "انطلاقا من المسؤولية الوطنية التي نحملها وحرصا على حياة أطفالنا وأبنائنا واحتراما للرسالة التي يحتمها دورنا في حمايتهم نبادر لنفسح مساحة لأطفالنا للتعبير عن آلامهم بفقدان صديقهم أو معلمتهم أو تدمير مدارسهم ومن كل أشكال الرعب التي تجاوزت كل الحدود حتى وصلت إلى استهداف طفولتهم وأملهم في مستقبل سورية واستعادة الدفء والحب والأمان". بدوره ماهر عازار معاون وزيرة الثقافة أكد أن هذه الفعالية تتسم بخصوصية شديدة كونها تعتمد على أن يقوم الأطفال بإيصال صوتهم إلى العالم عبر رسائلهم "الرائعة والمحزنة في نفس الوقت" مشيرا إلى أهمية التعاون بين وزارتي التربية والثقافة وأعضاء مجلس الشعب من أجل "الطفل الذي يعتبر الحلقة الأضعف في مجتمعنا". وأشار عازار إلى عدم وجود حدود بين الثقافة والتربية لأن الثقافة هي عماد المجتمع حيث عملت وزارة الثقافة خلال فترة الأزمة على مجموعة من البرامج توجهت من خلالها إلى مراكز الإقامة المؤقتة لتنمية المواهب الثقافية عند الطفل ولم تستثن إلا الاماكن التي لم تستطع الوصول إليها. من جانبه قال الدكتور علاء الدين الزعتري مدير الإفتاء العام في وزارة الأوقاف "إن ما يميز سورية قوتها الحيوية واندفاعها نحو الحياة وحبها للامل.. وإننا في هذه المناسبة في ذكرى قيام السيد المسيح نأتي لنرى كيف أن الأطفال أرادوا أن يقولوا للعالم أوقفوا القتل عن سورية إذا كنا نحيا ميلادا فلماذا تريدون أن نحيا الوفاة فما بين الولادة والوفاة هو الأمل والعطاء والبناء والاستقرار والأمن والأمان". وأضاف الزعتري نحن ندافع عن بلدنا بوجودنا وبرسوم أطفالنا وبكلمات الحب التي تنطلق من حناجرهم لتقول "أبعدوا القتل عن بلادنا لأنها طاهرة ومقدسة فلا تدنسوها بدماء هنا أو هناك باسم قريب أو بعيد.. بطائفية أو حزبية أو مذهبية أو سياسية لأن هذه الأرض تنمو بدماء شهدائنا الأبرار الذين قضوا وهم يدافعون عن سورية التي أوصلت نور الحرف إلى العالمين ورسالة السيد المسيح إلى الأكوان ونور القرآن الى كل المحبين". وفي معرض الرسومات كان الطفل محمود فاخر زعتري من الصف الخامس يقف أمام لوحته التي صور من خلالها الخط الزمني للأحداث التي مرت بها سورية وكيف ارتفع معدل الدمار والخراب مع الأمل بأن ينتهي كل هذا وتبنى سورية من جديد مشيرا إلى أنه شارك بالفعالية بسبب إيمانه بأن وطنه سورية سيصبح أفضل. أما يامن طبيش من الصف الخامس من مدرسة التطبيقات المسكلية فقد اختار أن يعبر في لوحته عن رفضه للحرب وقال "نحن لا نريد أن يموت أصدقاؤنا وكل الأطفال الذين استشهدوا هم بقلوبنا". بدورها الطفلة سارة العلي أرادت ان تقول في لوحتها إنها تريد لوطنها أن يصبح سالما مشيرة إلى أنها شاركت في المعرض كي تعبر عن وطنها سورية الذي لا تريده أن يتهدم وإنما أن يصبح سالما. وفي وسط المعرض كان الطفل جواد محيي الدين من الصف السادس من مدرسة عبد الله بن الزبير يعزف على أوتار غيتاره أغنية ياأطفال العالم محملا أنامله حزنه على وطنه الجريح آملا ان يكون عزفه رسالة سلام بينما جاءت مشاركة الطفل براء نعمان من الصف الخامس من مدرسة محمد خير حبال عبر رسالة كتبها بخط يده معبرا عن محبته لسورية. وقدم الأطفال المشاركون في الفعالية عرضا تفاعليا على مسرح الدراما افتتح بفيلم لمبادرة "نريد نؤمن نستطيع" يعرض ألم وأمل أطفال المدارس الذين كانوا ضحايا قذائف الهاون وسكيتش ورسالة الأطفال إلى العالم لأطفال مدارس سورية إضافة إلى أغنية أعطونا الطفولة التي قدمتها لوريا عازار من فرقة لونا للغناء الجماعي. ولم يغب الشعر عن العرض التفاعلي فقدم الاطفال قصيدة بعنوان يا أسياد العالم باللغتين العربية والانكليزية. بينما أدى أطفال مدرسة التطبيقات المسلكية أغنية "حلوة يا بلدي" ومدرسة المونتيسوري اغنية "قلب واحد" واغنية "سورية ربي يحميها" من مدرسة الرعاية الخاصة. فيما أدت جوقة الفرح أغنيات "يا نبع المحبة" تصحى على وطن الحرية "نجمة السلام". أما أوركسترا معهد صلحي الوادي فقدمت مجموعة من الأغنيات والمقطوعات تضمنت "هكذا كانت" لعدنان فتح الله وموال "يا بني" لوديع الصافي و"ليلة القبض على فاطمة" لعمار الشريعي. يذكر أن الفعالية أقيمت بمشاركة كل من وزارتي الثقافة والتربية والهيئة السورية لشؤون الأسرة ودار الأسد للثقافة والفنون إضافة إلى معهد صلحي الوادي ولونا للغناء الجماعي وجوقة الفرح ومبادرات "نريد نؤمن نستطيع" "كنوز" "مرسمي".