عمان ـ بترا
اكدت ندوة أن مجالس المغفور له بإذن الله الملك المؤسس عبدالله الاول اسهمت في توفير بيئة خصبة ومحفزة لابداعات الشعراء العرب الذين تجمعوا في شرقي الاردن مثل: الشيخ فؤاد الخطيب ، ومحمد علي الحوماني ، وسعيد الكرمي ، وغيرهم ممن اثروا الحركة الشعرية بمساجلاتهم الادبية وآرائهم النقدية.
وبين الباحث والاكاديمي الدكتور عماد الضمور في الندوة التي جاءت بعنوان "الحركة الشعرية في الاردن 1921-1946" ونظمتها دائرة المكتبة الوطنية ضمن احتفالاتها بمناسبة عيد الاستقلال، انه ظهر من شعراء الاردن اسماء مثل: مصطفى وهبي التل ، وحسني زيد الكيلاني ، وحسني فريز ، وعبد المنعم الرفاعي، حيث إستلهموا روح الاحداث المتسارعة على الساحة الاردنية.
واوضح الدكتور الضمور في الندوة التي ادارها الشاعر سعد الدين شاهين، ان شعر هذه الفترة اتسم بتلك الخطابية والالتزام بشعر المناسبات الوطنية وفيها برز اسم الشاعر مصطفى وهبي التل "عرار" الذي اعتبر ظاهرة شعرية وسياسية متميزة رافقت الحركة الشعرية في مراحلها اللاحقة، وهو بذلك اضفى على القصيدة في الاردن طابعا شعريا خاصا، حيث اتسمت قصيدته بالانتماء الى المكان الاردني والتعبير عن هموم سكانه ، والتمرد على الظلم ورفض السيطرة الاجنبية على مقدرات الوطن.
ولفت إلى ان منطقة شرقي الاردن قبل تأسيس الامارة لم تعرف حركة ادبية بمعناها المعروف الآن وذلك لندرة التعليم وتضييق العثمانيين للحريات، فلم يعثر قبل تأسيس الامارة على شعر فصيح بل كل ما وصلنا قبل عام 1921 هو شعر باللغة العامية السائدة لشعراء مثل ابراهيم الدوقراني، ونمر بن عدوان، وعلي الرميثي، ومصطفى السكران وغيرهم من الشعراء الذين ترك شعرهم اثرا واضحا في صياغة الوجدان الشعبي شعرا فضلا عن تغلغله في الذاكرة الوطنية، وامتداده في شعر ما بعد الامارة وبخاصة في موضوعاته التقليدية التي تقوم على الحماسة والغزل والرثاء، ولا يمكن انكار اهميته في امداد الشعر بروحه الشعبية ذات الطابع البدوي الاصيل.
وتناول الدكتور الضمور ملامح تطور القصيدة الشعرية في الاردن بدءا من الجذور وصولا الى امتدادات وتنوع تقنياتها الجمالية والانسانية، مبينا ان اهم ما يميز النص المؤسس انه نص ممتد دائم التأثير متعدد الاتجاهات الفكرية، اكتسب طابعه التاثيري من طبيعته التي ابدع فيها وهو بهذه الميزة نص صاحب سلطة وجدانية، وجذوة ابداعية يمكن الاستنارة بوهجها على مر الازمنة.
ورأى انه من هذا المنطلق الفكري يمكن دراسة الحركة الشعرية في الاردن خلال الفترة الزمانية الواقعة ما بين عامي 1921 -1946 وبلغة اخرى من تاريخ تأسيس امارة شرقي الاردن على يد الملك المؤسس عبدالله الاول ابن الحسين رحمه الله وحتى تاريخ استقلال الاردن الذي عرف بعد هذا التاريخ بالمملكة الاردنية الهاشمية.
واشار الدكتور الضمور الى ان التغني بالثورة العربية هو من المضامين الشعرية ذات الاثر الخالد في مسيرة الشعر في الاردن ، وهي ثورة ذات منزع قومي واضح ، بل شكلت اول حركة قومية حديثة شهدها العرب في العصر الحديث .
ولفت الى ان هوية الدولة الاردنية بزغت من هذه المرحلة المشرقة بقدوم الهاشميين وتأسيسهم امارة شرقي الاردن بطابع تحرري قومي انعكس على الشعر والشعراء ومنح الشعر في الاردن هويته ونبضه الوطني العروبي الواضح اذ برزت في هذه المرحلة وظيفة الشعر بوصفه كلمة مقاتلة ما بين عام 1921 " التاسيس" وعام 1946 "الاستقلال" فضلا عن وظيفة الشعر التعليمية الاخلاقية والتعبير عن هموم الذات والمشاعر الانسانية، والالتزام بقضايا المجتمع ونبذ الفساد والسعي للاصلاح ، مما شكل رؤيا استكشافية واستشراقية للمستقبل، فثقافة الشعراء الواسعة وقيام الشعر بوظيفته السياسية من العوامل التي اثرت هذا الشعر.
واوضح ان الشكل التقليدي للقصيدة العربية بقي راسخا في كثير من النتاج الشعري المعاصر وهو نهج ارست قواعده قصائد هذه المرحلة ، لذلك نجد ان الشكل الابداعي يسير جنبا الى جنب مع شعر الحداثة الذي لا يمكن انكار هذه الحداثة في شعر عرار في مرحلة ما قبل الاستقلال وشعر تيسير سبول في ديوانه "احزان صحراوية" بعد الاستقلال، مشيرا الى ان الباحث لشعر هذه الفترة يلمس زخما في الاسماء الشعرية، وزخما في النتاج الشعري، وتعددا في الاتجاهات الفكرية ، لكن يلمس في الوقت نفسه اهتماما لا يوازي هذا الكم الهائل من الانتاج الشعري مما يعني اهمية اعادة النظر في ادب هذه المرحلة.
وكشف سعد الدين شاهين عن الخاصية المشتركة التي كانت وما زالت تجمع فلسطين بالاردن كثقافة واحدة وجذور متصلة فمن البيئة السياسية التي كانت تعج بالاحداث الوطنية والتحولات الكبيرة الى مجالس الشاعر الامير عبدالله المؤسس الذي كان يمثل مفاعلا لحركة الشعر العربي في الاردن بمطارحاته الشعرية للشعراء من امثال "عرار" وعبد المنعم الرفاعي، وظهور شعراء آخرين كاسعاف النشاشيبي وحسني فريز وفي الشعر الشعبي نمر العدوان وغيرهم كثير .