القاهرة - العرب اليوم
تختلق رواية "حارس التوت" عوالم سحرية بإشباع حركي ولوني لا تستطيع إلا أن تقف مذهولا تجاخخ، عوالم توجتها الكاتبة منى التميمي بخطاب وجودي صرف يحاور الوجود في جماله وسموه، بقدر ما هو خطاب يمثل وعي الذات بعزلتها المتناهية، وإغراقها في صمت الداخل، واستسلامها لظلال الذاكرة وإيحاءات الغربة الباردة المغرقة في رتابتها.
وحدها الطبيعة تبلسم جروح الروح والقلب لبطل روايتها، التي طرحتها الدار العربية للعلوم "ناشرون"، ولنقرأ بين وريقاتها قصة عن علاقة رجل بالطبيعة في صور سيريالية حيّة، اختار العيش بعيدًا في غابة على أمل أن يطفئ النار التي هشّمَتْ جَمَراتُها رياحين قلبه، وجمال ذاكرته، ومزقت أنياط قلبه والسبب معرفته أن أقرب أصدقائه على علاقة بالمرأة التي أحب، وقد آثر الصديق الصمت وأخفى الأمر باسم الحب.
إنها رواية متمنعة عن التصنيف، جمالها في عذريتها، وفي صفاء صورها، ودفء حروفها، تدمي القلب وتداويه في آن. وقدمت الكاتبة منى التميمي لروايتها بمقدمة تتوجه فيها إلى القارئ جاء فيها: "ركز على الحلم الرائع، وأثبت على قوة قلبك، وتجاوز كل الحروق التي تركت ندوبًا مؤلمة، ركز على الإنسان في داخلك والذي يحتاج إلى القشة التي قصمت ظهر البعير، وأبانت الحقيقة المجردة، لتساعدك وتنير الدرب أمامك، لتعرف معنى الوفاء في مشوارك الأليم، وأن الحقيقة الناصعة هي ما يسعى إليه المخلصون، ليعززوا بداخلنا المفاهيم المترفة في ما يخص مؤشرات الحب والصدق والجمال".
ومن أجواء الرواية نقرأ "عندما تشعر بإخلاص المقَربين منك تسد أذنيك عن أي كلمة عنهم، لأنهم يحتلون نصيبًا وافرًا من قلبك، وتصمُ قلبك أيضًا، يبقى صمتك منغلقًا على نفسه لإيمانك بهم وبجمال أرواحهم، إلى أن تأتي اللحظة الحاسمة وتكتشف أنهم لم يكونوا سوى قطّاع طرق نهبوا كنوزك كلها، وذخيرتك التي حصلت عليها من الدنيا، كتموا أنفاسك ثم سرقوا الغنائم وهربوا".