يعلن المؤلف من خلال عنوان الكتاب على المفاهيم الأساسية والجوهرية التي يعالجها في متن كتابه وهي : العلم والتنمية والديمقراطية باعتبارها مفاهيم مركزية ترتبط بمنهج البحث التدخلي الذي يقدمه موضوع الكتاب . كمقاربة جديدة في معالجة قضايا البحث وإشكالاته الرئيسية بطريقة جعلت منه منهجا يتلاءم وحاجات مجتمعاتنا إلى البحوث التي تسعى إلى التنمية والتطوير المجتمعي للانخراط في مجتمع المعرفة واقتصاده. لقد عمل البحث التدخلي على إنزال البحث العلمي في ميدان دراسة سلوك الإنسان من البرج الأكاديمي الذي كان يتربع فيه لسنوات طوال ، جاعلا منه عملا يقتصر على ثلة من الباحثين المترفين ، ويدعو إلى انخراط المبحوثين بدورهم في معركة البحث وخطواته والياته العملية والتجريبية ، ويدلك تحول دورهم في البحث التدخلي إلى مساهمين في بناء البحث والاستفادة منه . إن البحث التدخلي يجمع بين العمل لفائدة عينة البحث ، ودراستها في نفس الوقت ، انه منهج يكتسي اليوم أهمية راهنية وحيوية كبيرة ، لان البحث فيه يتم في الميدان على عينة من المبحوثين ، يقوم خلالها الباحث ، في الوقت نفسه بعمل يخدمهم ، فلا يكتفي بإجراء دراسة عليهم ، وإنما يستفيدون بدورهم منها . وبناء على ذلك ، فان هذا المنهج يكتسب جدته وأصالته في إستراتيجيته البحثية التشاركية التي تجعل المبحوثين ينخرطون في سيرورة من التأمل المقرون بالعمل . وانطلاقا من كونه وسيلة منهجية مرنة فانه يتميز بقدرته على التكيف بحسب خصوصيات الميدان او عينة البحث، وبذلك فانه يتيح للمدرسين وكل الممارسين التربويين دور المشاركة في البحث التربوي وتنميته بهدف تحسين أدائهم وجودته . إن كتاب الأستاذ خالد الأندلسي هو ثمرة جهد باحث متمرس لسنوات عديدة بهذا الصنف من البحوث التنموية التي تنطلق من الواقع المعيش لمجتمع يسعى أن يكون فيه البحث العلمي عموما ، والبحث التربوي خصوصا ، منسجما مع روح الديمقراطية باعتبارها الأرضية والمناخ الذي يسعى إلى رقيه وازدهاره . كما انه إلى جانب ذلك، يشكل لبنة مثرية لدعم مسيرة البحث العلمي في بلادنا وجعله رافد تأصيل ومواكبة لنا تود الانخراط فيه من مشاريع ومسارات التنمية والديمقراطية والحداثة.