أول ما يلفت القارئ لرواية "الصخب والعنف هو غرابة تكنيكها. فما الذي جعل فوكنر يجزئ الزمن في روايته، ويمزج هذه الأجزاء بلا ترتيب؟ ولمذ كانت أول نافذة تفتح على العالم الروائي فيها مروية من خلال وعي معتوه؟ الأمر الذي يدفع القارئ إلى أن يبحث عن علامات توجهه، وإلى إعادة ترتيب الأحداث زمنيا. ما سبق هو استهلال مقال نشره جان بول سارتر في مجلة فرنسية في منتصف عام 1929 عن رواية الصخب والعنف للكاتب الامريكي وليم فوكنرن وقد تصدر الطبعة العربية من الرواية نفسها والتي صدرت مؤخرا ضمن سلسلة "المائة كتاب" التي تصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة ضمن سلسلة أوسع هي "آفاق عالمية" بترجمة محمد يونس. ويختتم ساتر مقاله بقوله:"فوكنر يستخدم فنه – الذي يفوق المعتاد – ليصف لنا عالما يحتضر من الشيخوخة، ونحن فيه نلهث ونشعر بالاختناق. وبعد مقال سارتر تأتي كلمتان لفوكنر نفسه نشرتا بعد وفاته، في الأولى يؤكد أن هذه الرواية هي الوحيدة التي كتبتها – من بين سبع روايات- دون تعب أو جهد أو أي شعور تال من التعب او الارتياح أو الاشمئزاز. وفي الكلمة الثانية يؤكد أنه بدأ كتابة تلك الرواية بالعبارة الأولى من القسم الأخير فيها وأنه لم تكن لديه خطة على الإطلاق ولم يكن حتى يفكر في أن يكتب كتابا. ومع ذلك تعد "الصخب والعنف" درة الرواية الأمريكية، وإحدى روائع القرن العشرين النادرة.. رواية فريدة عصية على الإدراك، عسيرة على الامتلاك ضد السهولة والتقليدية والخفة في الإبداع والقراءة، كما يقول رئيس تحرير سلسلة آفاق عالمية الشاعر والمترجم رفعت سلام. والمترجم محمـد يونس، حاصل على ليسانس الآداب في الفلسفة، ودبلوم الدراسات العليا في الفلسفة 1970، ومن ترجماته المنشورة "الماركسية والقيم الإنسانية" للفيلسوف الإنجليزي موريس كورنفورث، و"الفرويديون الجدد" تأليف ف. دوبرينكوڤ، ورواية "حياة وزمن مايكل ك" تأليف ج . م. كوتسي (نوبل عام 2003)، وصدرت له- في سلسلة "آفاق عالمية"- ترجمة "فلسفة الفن" لجوردون جراهام.