يبحث الدكتور عبدالله بن ثقفان في كتابه الجديد المعنون (ابو عمر احمد بن حربون: من شعراء الادب التاريخي في الاندلس) الصادر ضمن سلسلة كتاب المجلة العربية بالرياض، عن وقائع واخبار دارت موضوعاتها في قصائد شعراء الاندلس لم يجر تدوينها على الرغم من شاعرية البعض منهم . ويستقصي الكتاب احد ابرز هؤلاء الشعراء المسمى بابن حربون الذي جرى تهميش قصائده , ولذلك لم ينل حظوظ الشهرة التي بلغها مجايليه من الشعراء . يوضح المؤلف الذي تتبع مسيرة الشاعر المغمور ابن حربون من خلال الكتب والبحوث والدراسات التي تعنى بوثائق وتأريخ الاندلس، ان قيمة قصائد هذا الشاعر تكمن في قدرتها على توثيق الحدث الاندلسي وتأريخه شعرا ، لافتا الى العديد من القصص والحكايات التي عاصرها الشاعر ابن حربون الذي ينحدر من مدينة (شلب) الواقعة في الجنوب الغربي للاندلس . ويؤكد الكتاب ان ابن حربون مزج شعره بين الغنائية والذاتية , فكان شعره تصويرا حسيا للبيئة والطبيعة البشرية , ومن خلال هذا المزج قدم تجربة شعرية مبتكرة تخضع لرؤى ذاتية وهي تدل على حنكة شعرية وعلى مكانة كان يتمتع بها في مجتمعه الاندلسي، حيث تحدثت قصائده عن الامراء في التهنئة والمديح والفخر والمباركة بانتصاراتهم، مثلما صورت ازدهار مجالس العلم والادب في بلاطهم . ويشير المؤلف الى ان وضوح المعنى لدى الشاعر لا يعني سطحيته بقدر ما يعني قدرته على استخدام الاسلوب الامثل والمؤثر في القلب معنى ولفظا، مبينا ان ابن حربون اهتم بالمعنى , لكن ليس على حساب اللفظ والوزن والقافية . اتسمت قصائد ابن حربون بانها جاءت لترضي سائر الاذواق , فهو لم يتبع نهج غيره من الشعراء بل مضى الى المبالغة والغلو في المديح والفخر بالانساب العربية العريقة قبل ان يبث شكواه نتيجة لواقع تعايش معه بالقلق.