صدر مؤخراً كتاب بعنوان " مكافحةُ الفسَاد في صَدر الإسلامِ الأوَّل ..عمرُ بن الخطَّاب نمُوذجاً" للأكاديمي والباحث محمود الفطافطة، وهو من اصدارات تجمع " باحثون بلا حدود"، ويقع في 83 صفحة من القطع المتوسط.. الهدف من إعداد مثل هذا الكتاب يكمن في عدة أمور؛ أهمها: • إلقاء الضوء على النظرية الإسلامية في مكافحة الفساد، وبناء النزاهة، لا سيما في ضوء الظروف المجتمعية المختلفة التي مرت بها المجتمعات الإسلامية في الجزيرة العربية في عهد الخلافة الراشدة. • إلقاء الضوء على النظرية الإسلامية في مكافحة الفساد، وبناء النزاهة، لا سيما في ضوء الظروف المجتمعية المختلفة التي مرت بها المجتمعات الإسلامية في الجزيرة العربية في عهد الخلافة الراشدة. • المراجعة النقدية الشاملة لخطوات عمر بن الخطاب في الشفافية، و مدى التأكد من وجود نموذجاً إسلاميّاً عمريّاً في هذا السياق له تطبيقاته العملية في عالم اليوم. • محاولة بناء نظرية فلسفية إسلامية لفهم الفساد ومحاربته، وإسقاط هذه النظرية على العالم المعاصر، في ظل تغييرات وتطورات متسارعة على كافة الصُّعد السياسية، والاقتصادية، والتقنية، والإعلامية، والمعلوماتية، والمجتمعية عموماً. ويتطرق الكتاب إلى كيفية مكافحة الاسلام لأشكال الفساد في عهد الرسول عليه السلام والخلفاء الراشدين، مع التركيز على خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه . ومما جاء في مقدمة الكتاب " ولمّا كان الفساد من أخطر الأمراض التي تعانيها الأمم والمجتمعات، فقد حاول الإسلام مكافحتها وعلاجها، ليس عبر التفكير والتنظير فقط؛ بل عبر التطبيق والتحقيق أيضاً، وذلك من خلال نصوص القرآن الكريم، وتعاليم الرسول عليه السلام، والخلفاء الراشدين، وكتابات العديد من الباحثين والمفكرين والمصلحين. ويوضح المؤلف في المقدمة كذلك إن من أبرز الخلفاء اهتماماً وإسهاما في مجال الشفافية والحُكم الرشيد عمر بن الخطاب؛ الذي كانت إمبراطوريته هي الدولة المثالية التي تطمح إليها الإنسانية، ليس فيها مظلوم أو جائع، إذ كانت دولة يتمتع فيها الجميع بالمساواة الحقّة، وقد حلم الكثير من الفلاسفة بقيام جمهورية فاضلة، فكان لعمر سبق البداية والتطبيق والإنجاز، حيث أعطى البشرية عشر سنوات من أعظم الفترات في تاريخها. ويضيف:" إنّ عمر بن الخطاب كان من أوائل الخلفاء المسلمين إرساءً لقواعد اللامركزية الإدارية من خلال التشديد على إعطاء صلاحيات للولاة في الأقطار والأمصار والأقاليم التي وقعت تحت سيطرة المسلمين في فترة حكمه وخلافته، كما كان لصفاته الشخصية كالزهد، والتعفّف في الحياة، والورع، والعدل، والإحسان، والتقشف، إسقاطات واضحة على نموذج إدارته للشأن العام، وحماية أموال الدولة من الهدر. فإدارة عمر للدولة الإسلامية كانت ضمن خطة مدروسة لخدمة الدولة الإسلامية وأقاليمها المختلفة مع عدم الإخلال في العلاقة بين أجزاء الدولة الإسلامية، عبر التركيز على التنمية المتوازنة لكل مناطق وأقاليم هذه الدولة المترامية الأطراف". ومن السمات التي تميز الكتاب وجود تقديمين له، التقديم الاول وضعه د. حمزة ذيب مصطفى عميد كليتي الدعوة والقرآن الكريم والدراسات الإسلامية في جامعة القدس ـ ومما جاء في تقديمه: تأتي هذه الدراسة في زمنٍ نحن أحوج ما نكون فيه إلى مثل هذه الدراسات القيمة والضرورية. حيث يعيش عالمنا الثالث أزمة حقيقية في مجال الفساد سواء أكان ذلك الفساد الإداري أم الفساد المالي. وهذا سبب كبير يُضاف إلى مجموعة أخرى من أسباب متعددة أدت إلى تخلف مجتمعاتنا وسوء أوضاعنا وترهل مؤسساتنا . ومما لا شك ولا ريب فيه أن محاربة الفساد جزء لا يتجزأ من أسباب تقدم المجتمعات وتطورها والنهوض بأفرادها وتنمية كفاءاتها ومهاراتها . أما التقديم الثاني فقد كتبه د. أيمن يوسف استاذ العلوم السياسة في الجامعة العربية الاميركية ـــ جنين. ومما جاء في تقديمه: إنّ أحد أهداف دراسة الفطافطة هو إحداث مقاربات ومقارنات بين المجهود الإداري والقيادي والسلوك الأخلاقي لعمر بن الخطاب في غابر التاريخ، مع نظريات التنمية، والاستدامة، والحُكم الرشيد، والنزاهة الوطنية، في عالم اليوم، لأنّ الباحث مقتنعٌ تماماً بأنّ هذه المقاربات النظرية، وعلى مستوى التجارب العملية، تخدم الإرث الإنساني في بناء نموذج عالميّ عادل، وهذا ما يحتاجه ويتطلبه المواطن العالمي، الذي يخضع لقوى ودول ومؤسسات غايتها الربح، وجَني الأموال، دون أيّة اعتبارات إنسانية لمشردٍ هنا أو فقير هناك. وقد خرج المؤلف الفطافطة بجملةٍ واسعة من النتائج، أهمها: • إن مفهوم الفساد في الإسلام واسع ولم يقتصر على الجانب السياسي، أو الاقتصادي، أو الإداري، أو الاجتماعي فقط بل اشتمل على جميع مناحي الحياة؛ فالقرآن يستخدم لفظ الفساد ومشتقاته لوصف كل سلوك أو فعل منحرف، محرم وغير صالح. • أن الإسلام تصدى لموضوع الفساد واستئصاله والآليات الوقائية والعلاجية لاقتلاعه من جذوره . • أن من أهم ما يميز النظرية الإدارية الإسلامية تفعيل مفهوم الرقابة الذاتية وتقوية الضمير في حس الموظف والعامل. • أن مفهوم الرقابة الإدارية نابع من المسؤولية الدينية للمدير أو القائد، وهذا ما يجعله يتقن العملية الرقابية. • إن عمر كان وحده نسيجاً فريداً صنعه الإسلام على يديه؛ فلم تثر شخصية حاكم مسلم حولها هالة من الإعجاب والاحترام مثل شخصية عمر ، فلا تذكر الفتوحات الإسلامية إلا ويُذكر اسم عمر مقارنا بها، ولا تذكر الانتصارات الرائعة في بدء الإسلام إلا ويُذكر اسم عمر معها، ولا يذكر الحكام العادلون ـ وهم قليلون ـ إلا وعلى رأسهم عمر بن الخطاب. • أن العدل هي الصفة التي غلبت عليه حتى يكاد إذا ذُكر العدل ذكر عمر وإذا ذكر عمر ذكر العدل، فأصبحا كالمتلازمين لا ينفكان عن بعضهما. • إن عمر قد اوجد نظرية في الإدارة ، ما تزال صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان ، وأن الكثير من المسلمين وغيرهم ، يرون أن عودة الإسلام إلى قوته الأولى، تكون باستلهام نظرية عمر في الحكم والإدارة. أما بخصوص التوصيات، فأبرزها: • التأكيد على أهمية مخافة الله واحترام المال العام لأنه في الأساس مال الله . • التأكيد على الإعلاء من المصلحة العامة، وإخفاء المصالح الذاتية، والأنانية التي تشكل أول دوافع الانحرافات الاجتماعية. • التأكيد على إشاعة مبدأ المراقبة داخل مؤسسات الدولة، ومراقبة الولاة ، حتى يضمن إقامة العدل بين الناس، وعدم إتاحة الفرصة أمام النفس الإنسانية للانحراف بفضل المغريات المختلفة. • نوصي بإخراج الصفات الشخصية والقيادية لعمر بن الخطاب، على شكل أفلام تعليمية واستخدامها كمصادر تعليمية، تسهم في نشر هذه الصفات بين الطلبة والمواطنين، عن طريق التعلم بالنموذج والقدوة . • نوصي طلبة الدراسات العليا القيام بدراسات تحليلية أخرى لشخصية عمر بن الخطاب ، للكشف عن صفات أخرى جديدة، ومقارنة ذلك مع الدراسات السيكولوجية والإدارية الحديثة.