يحاول الباحث صقر أبو فخر في كتاب "أعيان الشام وإعاقة العلمانية في سورية" البحث في الأسباب والكيفية التي أعيقت فيها العلمانية في سورية، وعدم تطورها إلى إقامة دولة ديمقراطية حديثة. كما يحاول أن يبرهن أن أعيان الشام، المتمثلين في مثلث ملاك الأرض والتجار ورجال الدين، هم من أعاق العلمانية في سورية إلى حد كبير، عن طريق إقصاء الريف والمدينة عن الأفكار العلمانية والتيارات السياسية الديمقراطية وإلى تهميش الأرياف التي وجد أبناؤها في الأحزاب العَلمانيّة ملاذًا يعدهم بالمساواة والمواطنة المتساوية، ووجدوا في الجيش ميدانًا للتّرقية الاجتماعية. ويعالج الكتاب مجموعة الأسباب التي أعاقت العلمانية في سوريا بعد الاستقلال، وأسباب ضمور الديمقراطية في أرجائها، وكذلك أسباب فشل حكم القلة الشامية والحلبية والحموية والحمصية في تأسيس دولة عصرية. كما يعالج أسباب "عجز الأحزاب العلمانية عن اختراق المدن السورية التقليدية التي سلمت قيادها للثالوث التاريخي: "ملاك الأرض والتجار ورجال الدين". من هنا فإن الكتاب يعد محاولة لاكتشاف الأسباب الجوهرية للتحولات الجارية في سوريا، ولتفسير هذه التحولات استناداً إلى منهج يمزج التاريخ بالسوسيولوجيا وبالثقافة والاقتصاد معًا. ويرصد الكتاب كيف أن النخب السورية التي ورثت من العثمانيين والفرنسيين دولة شبه متصدعة، وحاولت أن تؤسس دولة متماسكة، تحول سوريا اليوم إلى دولة محطمة، ولا سيما بعدما انقلب الريف على حزب الريفيين، أي حزب البعث، وكيف انجرف أعضاء حزب علماني إلى التدين، الأمر الذي غمر سوريا كلها بالأسلمة المتفاوتة في التطرف حسب الكاتب. جدير بالذكر أن صقر أبو فخر باحث ومحرر في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وهو متخصص في الشؤون العربية والفلسطينية على وجه التحديد.