عمان ـ بترا
اعتبر المؤرخ الدكتور علي محافظة، ان المفكر والسياسي الراحل الدكتور منيف الرزاز هو من بين ابرز المفكرين العرب القلائل الذين أثروا المكتبة العربية بمؤلفاتهم، وأغنوا الفكر العربي بآرائهم وأبحاثهم، حيث نال قصب السبق بينهم في الحديث عن الحرية بمعناها الرحب الواسع.
واشار محافظة خلال تقديمه وادارته لحفل اشهار كتاب (الحرية في فكر المفكر العربي منيف الرزاز)، لمؤلفته الدكتورة فدوى نصيرات في منتدى عبد الحميد شومان امس الاثنين، الى ان اغلبية المفكرين العرب ركزوا على موضوعات وقضايا التحرر الوطني من الاستعمار الغربي الذي هيمن على الوطن العربي منذ ثلاثينات القرن التاسع عشر حتى مطلع سبعينات القرن العشرين، وتجاهلوا مسألة الحرية الفردية والحريات العامة في المجتمعات العربية الفتية.
واوضح محافظة "أدرك الرزاز منذ البداية إشكالية الحرية عند المفكرين العرب المحدثين: بين من يشكك بها ويعدها مفهوماً دخيلاً ومستورداً من الغرب الاستعماري، وبين المؤمنين بها المطالبين بتطبيقها مباشرة كما تمارس في الغرب، لأن الحرية في نظر الرزاز ظلت المفتاح لنهضة الإنسان العربي والأمة العربية".
وبين ان المفكر الراحل توسع في مفهوم الحرية، وبيّن أن مفهومها يختلف بين مجتمع وآخر، فقد أصرّ على أن الإرادة الفردية والإرادة الجماعية هما مصدر الحرية، مؤكدا على ضرورة التوازن بين حرية الفرد وحرية الآخرين، وعدم المغالاة في الحرية الفردية.
وقال نجل المفكر الراحل عمر منيف الرزاز انه وجد في قراءات ودراسات المؤلفة نصيرات، نهجاً تاريخياً علمياً يطرح السؤال التاريخي، ويجيب عليه من خلال نصوص تاريخية أصيلة واستقراء للمراحل والمعطيات التاريخية وتقديم استنتاجات موضوعية.
واضاف الرزاز ان أي مشروع نهضوي لن ينجح طالما أضفى قدسية على التراث فمنعه من التطور والتحديث، أو العكس؛ فاستورد قوالب الحداثة كما هي، وكأننا وعاء خاوٍ من التاريخ والقيم والتراث، لافتا الى ان منيف الرزاز بالمقابل وضع إطاراً فكرياً للنهضة العربية، منطلقاً من التراث ومنفتحاً على الفكر والتجارب العالمية.
وأشار الى مفهوم منيف الرزاز عن الحرية والذي كان في أساسه مفهوماً أخلاقياً موجهاً للفرد نفسه، متحولاً من المضمون الأخلاقي السائد الذي يعتمد النهي والمنع إلى ذلك الذي يحث على التفكير والتجربة والمبادرة.
وقالت مؤلفة الكتاب ان فكرة الكتاب جاءت لان الإنسان العربي مسكون بهاجس البحث عن الحرية تعبيراً عن حجم الخيبة التي وصل اليها هذا الانسان بعد عقود طويلة من البحث الدؤوب، لافتة الى أنه ليس القصدُ من هذا الكتاب أن يكون صدىً أو ردةَ فعلٍ لِما يُرفع حاليًا من تسييسٍ لشعار الحرية، فضلا عمّا يجري حاليًا من خراب وعنف باسم هذا الشعار، فهذه دراسةٌ تاريخيةٌ علمية موثقة بمصادرها، تعود لشخص كاتبها وفكره، وليس لحزبه أو تاريخه السياسي.
واضافت المؤلفة ان اختيار الكتاب جاء أيضًا نتيجة للتأملات الذاتية في الواقع العربي الراهن، فمسألة الحرية مسألةٌ أساسية.