رواية "ليلى" للكاتبة سوسن رضوان عمل أدبي يرصد واقعاً اجتماعياً صعباً من خلال سيرة حياة امرأة مناضلة عانت الكثير من الآلام والأحزان وحققت في النهاية آمالها بالتصميم والارادة حيث حاولت الكاتبة عكس صورة ما لشريحة من نساء المجتمع السوري بأسلوب سردي صادق تميز بالإثارة والتشويق. في الرواية تدفع وطأة الغربة والسفر بطلة الرواية ليلى للتخلي عن أجمل حلم وهو تقديم امتحان الثانوية وذلك من أجل أن تحتفظ بجنينها الذي يهدده سفر العودة إلى الوطن بالسقوط فآثرت الاحتفاظ به وأرجأت العودة. وتجعل الكاتبة حب الوطن أسمى من كل شيء وأهم ما يعيش من أجله الإنسان فتحرك الحبكة وترفع مستوى التشويق عندما تعود ليلى لتضع حملها في سورية بين أهلها وأهل زوجها وتجعل من البيئة الاجتماعية حالة إنسانية جميلة ترفل بالمحبة والعلاقات الإيجابية كما تجعل روابط أسلوبها السردي متماسكا حتى تحافظ على توازن موضوعها وتجعله بعيداً عن الاستطراد وتحميه من الأفكار التي يمكن أن تخلخل بنية الرواية وتعابيرها. تطرح الكاتبة في روايتها قضية تضحية الأم بكل شيء حتى بمستقبلها من أجل رعاية أولادها الأربعة وزرع القيم النبيلة في نفوسهم حتى تصنع منهم أبناءً تعتز بهم ويفخر بهم الوطن فراحت تتحقق أمانيها وطموحاتها وترى أولادها يكبرون كما تتمنى لهم برغم ما تتحمله من أجل أن تجعل حياتهم ومستقبلهم على قدر آمالها وأحلامها. وترى رضوان أن المرأة إذا حافظت على أسرارها وشاءت لطموحاتها أن تتحقق مهما طال الزمن فلا بد لها من الوصول إلى مبتغاها فتصميم ليلى على النجاح جعلها تنال الشهادة الثانوية بعد أن وصل أولادها إلى شاطئ الأمان ومن ثم الشهادة الجامعية أيضاً وبدأت حياة أخرى في مسيرتها النضالية. وتريد الكاتبة من المرأة أن تحافظ على كيانها الأخلاقي والاجتماعي مهما كانت الظروف قاسية فبعد أن فقدت ليلى زوجها قبل أن تكتمل فرحتها وأن تنتهي رسالتهما في أداء واجبهما الزوجي تجاه الأسرة دفعتها يد القدر لتقوم بتربية الأولاد وتتحمل المسؤولية بشرف وأمانة حيث ظلت محافظة على العرض مؤدية واجبها كما كانت البداية وهي تعاني مرارة الوحدة وصعوبة فقدان الشريك الذي أحبته وأنجبت أولادها منه. تمكنت الروائية من الوصول إلى نهاية الحدث بشكل فني متطور فيه البنى الأساسية لعناصر الرواية حيث نهضت بتعابيرها وفق الخط البياني المتصاعد واكسبتها ألفاظاً استعارتها من البيئة الاجتماعية المحيطة إلا أنها أعادت تكوينها في سياق بنيوي آخر يشير إلى حضور الموهبة الأدبية عند الكاتبة. يذكر أن الكتاب من منشورات دار العراب ويقع في 102 صفحة من القطع المتوسط.