في مجموعة "آخر الهمسات" للشاعر طلعت سفر قصائد تتكئ على فلسفة شعرية عميقة ورؤية إنسانية مستمدة من تراكم ثقافة واسعة وتجربة غنية في الحياة واختبار الشقاء والألم الذي يراه الشاعر أنه في كثير من الأحيان يكون منبع سعادة ونشوة كما في قصيدة الوجع الأحلى.. ذاك الذي تلبس الأحلام طلعته ويشعل الصبح في أعماق ديجوري أهفو إليه كما تهفو سنونة إلى ربيع بدمع الغيم ممطور ويطلق الشاعر أجنحة خياله لتجوب الدنيا بما فيها من تداعيات وتناقضات تجعل الخيال مليئاً بالغنائم التي طالما تحولت إلى ألفاظ وعبارات أكثرها يتميز بالحداثة والجديد إضافة إلى العواطف التي تأتي متناسقة كرف البلابل وهي تهفو إلى جدول الماء المحاط بالأزهار والورود فمن هذه الأشياء يتكون عالم الشعر كما في قصيدة الدنيا.. أطرت حمائمي في كل صوب وضاعت مثل لالئ السراب كأني سلم والخوف يرقى على درجات حزني واضطرابي كأني لا أرى الدنيا بعيني ولكني أراها بارتيابي ويرى الشاعر ان كتابة القصيدة تفتح آفاقاً أمام الشاعر فيصب فيها ما لديه من الألم بطريقة سحرية تجعله يصل إلى أقصى درجات الراحة لأن الألم يتضاعف عند الشاعر باعتباره يمتلك إحساساً مضاعفاً وهو وحده الذي يتمكن من صياغة القصيدة التي يراها المتلقي تحمل كثيراً من آلامه وآماله إلى درجة الشبه يقول في قصيدة نافذة الكلام.. أشرعت نافذة الكلام لعلني أرتاح حين أسرح الكلمات ضاقت بي الدنيا وصار فضاؤها سجناً ... تعمر سقفه آهاتي. ويتذكر الشاعر أيامه التي انقضت وعاش فيها الحب بما فيه من متعة وجمال وتعود هذه الذكريات كلما كان البعد قاسياً وظالماً وها هي تأتي عبر خيال الشاعر عندما افتقد هذا الحب وأصبح وحيداً يعيش جذوة الأمل فلا يجده .. يقول في قصيدة رنة القبل.. عار من الحب أدعوه بلا أمل تبكي اللقاءات والهجران يضحك لي لم الزمان أغانيه وهاأنذا كالطفل أبكي على أيامه الأول ويقلب الشاعر في رسائله القديمة التي احتفظ بها أيام الحب حيث كان يعقد أفراحه بين روحه وعواطفه فينتابه إحساس جديد يأذن بولادة قصيدة مليئة بالماضي وبما كان فيه من أسرار تتضمنه تلك الرسائل التي تحكي تاريخاً عاشه مع حبيبته يقول في قصائد رسائل قديمة هذي رسائلها التي جاءت بها.. رسل .. وأوصلها إلي البريد يزهو بها حبر وتشرق أحرف فكأنما ... ثوب الزمان جديد واعتمد الشاعر في كافة قصائده بحور الخليل إلا انها جاءت بشكل عفوي متناغمة ومتلائمة مع الكلمات والألفاظ حيث جعلت إيقاعاً خاصا يترادف مع حروف الروي القادمة عبر القوافي إضافة لامتلاكه قدرة شعورية على تكثيف الموضوع الذي ينتابه خلال ومضة تتكون من أبيات قليلة. يذكر ان الكتاب من منشورات اتحاد كتاب العرب يقع في 217 صفحة من القطع المتوسط.