"انطباعات عن الشرق وشبه الجزيرة العربية ... خيّال بولندي عند البدو 1819-1817» كتاب للمستشرق البولندي الكونت فاتسواف سيفيرين جفوسكي، نقلته إلى العربية المترجمة العراقية هناء صبحي وصدر عن مشروع «كلمة» للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة. قام جفوسكي بين عامي 1817 و819 م، بسلسلة من الرحلات إلى تركيا وشمال شبه الجزيرة العربية (سورية حالياً) وكانت مهمته شراء خيول لإعادة تأهيل مَرابض خيول ملكة فيرتمبرغ، ومَرابض خيول سلطان الامبراطورية العثمانية وقيصر روسيا. ولكي يقوم بعمليات الشراء على أفضل نحو عاش جفوسكي عند بدو صحراء نجد الذين منحوه لقب الأمير تاج الفخر. في 1831 استولت شرطة قيصر روسيا على مكتبته، ولحسن الحظ كان جفوسكي قد أودعَ مخطوطة رحلاته إلى الشرق عند صديق احتفظ بالمخطوطة في بولندا. كُتِبَ هذا النص الذي لم يُنشر من قبل بلغة فرنسية عذبة ودقيقة وزُيِّنَ برسوم وتخطيطات حيّة، ويوضّح ثقافة الخياّلة البدوية ويرسم صورة مجتمع متنوّع ومتحرّك في شبه الجزيرة العربية وفي الشرق الأدنى وآسيا الصغرى. إنّها قصة مغامرات ذات كثافة درامية. وقد حَقَّق المخطوطة التي عُثِرَ عليها مصادفةً، فريق من الخبراء والمهتمّين في شؤون الشرق وشبه الجزيرة العربية لما تنطوي عليه من أهميّة كبيرة على المستوى التاريخي والاجتماعي والاقتصادي وكذلك الجغرافي، إذ تتضمّن المخطوطة أسماء مُدن وأنهار وجداول اندثرت وحدود تغيّرت بفعل التحوّلات السّياسية للمنطقة. ولد جفوسكي في 15 كانون الأول (ديسمبر) 1784 في مدينة لفوف القائمة في شرق بولندا والتي تقع حالياً في أوكرانيا، في عائلة عريقة وثرية تنتمي إلى الطبقة الارستقراطية النبيلة. ترعرع في وسط عائلي متعدد الثقافات إذ كان الخدم في بيت عائلته من القوزاق الأوكرانيّين وكان قصر والديه في الريف يستقبل الكثير من المهاجرين الفرنسيين، ويعيش على أراضيهم عدد كبير من التّتار والتّجار الأرمن. كان والده، القائد الأعلى في الجيش، يتمنى له الانخراط في الجيش أو في العمل الديبلوماسي لكنّ فاتسواف كان يشعر بميل شديد إلى اهتمامات زوج خالته، يان بوتوكي، المستشرق والرحّالة الكبير والكاتب الذائع الصيت، فتتلمذ عليه وتعلّم اللّغات الشرقية وثقافتها فأصبح لديه ولع شديد بالشرق وبرَع في لغاته. وكان جفوسكي مولعاً بالخيول فدفعه شغفه إلى السفر إلى شبه الجزيرة العربية في رحلة كان هدفها الأول استيراد الخيول إلى أوروبا، لكنها انتهت بعشقه لصحراء شبه الجزيرة العربية وخيولها وأناسها وتقاليدها، فأحبّه البدو بدورهم ومنحوه لقب تاج الفخر عبد النيشان. وكــان شاهداً أثناء رحلته على الكثير من أحداث العصر وأسراره في منطقة شبه الجزيرة العربية.