القاهرة ـ الروسية
صدر في القاهرة كتاب جديد تحت عنوان "تاريخ الأزهر في ألف عام" للكاتب محمد شلبي أمين
مصر والعالم الإسلامي كله مدين للأزهر فكريا وعقائديا وسياسيا، فلقد تعرضت بلاد المسلمين على مر التاريخ لثورات جامحة، وغزو عسكري وفكري، وتعرضت الثقافة الإسلامية فى بغداد إلى نكسات على يد التتار الغزاة، وتعرضت المساجد فى إسبانيا إلى العدوان على حرماتها عندما انحسر الحكم الإسلامي عنها، وتعرض المسجد الأقصى والقدس الشريف لهجوم الصليبيين، ثم من بعدهم احتلال اليهود حتى اليوم، لكن الأزهر ظل شامخا يقاوم التيارات المنحرفة، فيتصدى لها وينجع بالثقافة الإسلامية إلى بر الأمان ، يغالب ظلام الجهل المطبق الذي ران على العالم الإسلامي زمنا طويلا، فكان منارة أمل تشع فى ظلام العهود السوداء التي مرت بالأمة الإسلامية، واللغة العربية والدين الإسلامي هما الركنان الأساسيان المرتبطان بالأزهر ورسالته ودوره فهو حامي حمى العقيدة وحامل مسؤولية نشرالدعوة، وكان ولا يزال هو حائط الصد ضد محاولات الاستعمارالاستيطاني الاستعمار الثقافي لتغريب الهوية الإسلامية الموحدة، وعلى الرغم من وجود مراكز إسلامية أخرى في دمشق والقيروان والزيتونة والدامر، بل والقاهرة نفسها إلا أن هذه المراكز لم تطاول الأزهر في دوره وإمكاناته وعلمائه الذين ساهموا بل وكانوا من طلائع المشاركين في حركة التجديد الحديثة فكان حرآ بطلاب العلم أن يجدوا فيه ضالتهم، فالطلاب الذين يدرسون بالأزهر يعودون إلى بلادهم حاملين قدراً كبيراً من العلوم والمعارف ينشروها بالمدارس والمساجد والمحافل العلمية، وفي مواقع العمل التي يشغلوها، فكثير من هؤلاء تبؤوا مكانة ومناصب فكان منهم القيادات السياسية والتعليمية، وكذلك القضائية، تفوقوا في مراكزهم وكانوا بمثابة لسان الأزهر وصوته، وصورته المشرفة، ووثق هؤلاء الصلة بين الأزهر وبين مجتمعاتهم فكانوا حلقة وصل استمرت طوال القرون الماضية .
الأزهر كان ولايزال ضوء المعرفة فيه ضوءا فكريا يشع إلى كل شعوب العالم الإسلامى ،وكان ولايزال رحابه مفتوحا بلا قيود ولا شرط ،إلى كل وافد ينهل منه علما نافعا، فقد ظهر تأثيره العظيم واضحاً على الجوانب الروحية والإنسانية، والسلوكية إضافة إلى الأثر الأكبر في نقل اللغة العربية وثقافتها وآدابها وحضارة المسلمين إلى ربوع العالم .