أصدرت دار الكتب الوطنية فى هيئة أبو ظبى للسياحة والثقافة كتابا جديدا يتناول تفصيلا هاما فى اللهجة العامية، وهو "ظاهرة الإبدال فى لهجات الإمارات العربية المتحدة" للباحث الإماراتى أحمد محمد عبيد المتخصص فى الموروث الإماراتى. ويعد الإبدال ظاهرة لغوية معروفة فى جميع اللغات؛ وهى تعنى لفظ حرف مكان حرف فى الكلمة نفسها من دون أن يخل ذلك بمعناها، وقد حفلت اللغة العربية فى طورها الفصيح بكثير من المفردات الدالة على ذلك، وانتقل هذا إلى اللهجات العربية الحديثة، سواء أكانت الألفاظ الدالة على هذه الظاهرة قديمة قد بقيت فيها منذ أيام الفصحى، أم نشأت بعد ذلك حينما تحولت الفصحى إلى الطور اللهجى. وتحتوى لهجات دولة الإمارات عشرات الأمثلة على هذه الظاهرة، وثقها المؤلف بأكثر من تسعين ظاهرة، درسها دراسة وصفية ميدانية، ثم دراسة مقارنة مع لهجات الوطن العربى المعاصرة، ثم دراسة تاريخية لتبيان أصول هذه الظاهرة فى اللغات العروبية (السامية) واللغة العربية فى طورها الفصيح، ثم فى عصور اللحن، مع تفسير هذه الظاهرة وفق القوانين الصوتية المعروفة التى تحكم تطورها. ويسوق المؤلف مثلا على ذلك، عند قبيلة الظهوريين فى أجزاء من الساحل الشرقى، الذى يبدل بعضهم الضاد غيناً، وهى ظاهرة مشابهة لظاهرة ابدال الضاد قافاً فى اللغة الآرامية فى طور من أطوارها، ومن تلك الظاهرة أيضاً ابدال الضاد باءً فى لهجة قبيلة الشحوح كقولهم (بِهر) بدلا من ظِهِر\ضهر، وواوا فى لهجة قبيلة الحبوس. وإبدال صوت الغين همزةً فى لهجة الحبوس يدل على أن الكلمات التى فيها صوت الغين فى لهجتهم فى أصلها لهجة نادرة، كان صوت العين فيها بديلا لصوت الغين بل أصلا فى الكلمة، لكن صوت العين قد طرأت عليه ظاهرة إبدال العين همزة، وهى ظاهرة موجودة فى لهجات قبائل الحبوس والشحوح والظهوريين ويشاركهم فى ذلك سكان بلدة الرمس فى رأس الخيمة. ويذكر المؤلف فى المقدمة أن هذا الإصدار هو باكورة لمشروع متكامل يعمل عليه لتوثيق اللهجات فى دولة الإمارات، وتدوينها وتأصيلها ودراستها دراسة لغوية وصفية وتاريخية مقارنة شاملة، وإعداد معجم لمفرداتها وأطلس لغوى لتوزيع اللهجات التى تتنوع يتنوع الأقاليم بين السواحل والجبال والصحراء، وهو "مشروع عمر" بالنسبة له، وقد يستغرق انجازه وقتا ليس قليلا، وهو خيار أفضل من إهمال المشروع كله خاصة أن أغلب هذه اللهجات فى طريقها إلى الاندثار، كما يقول. تتوفر مطبوعات دار الكتب الوطنية فى مكتبة آل نهيان فى أبوظبى، كما تتوفر فى المكتبات الرئيسية فى الدولة.