قبل سبعة أعوام وفي مثل هذه الأيّام تحديداً، قرّرت مجموعة من الشباب المتخرجين البدء بتنفيذ حلمهم في تأسيس مسرح جديد، بروحه وأفكاره. مسرح لا يُخاطب أهل المسرح وجمهوره فقط، بل كلّ أولئك الذين يبدو الفنّ المسرحي بعيداً من عالمهم. المُهمشون هم الجمهور الذي سعى إليه فنانو «زُقاق»، فحملوا مسرحهم على ظهرهم وذهبوا به إليهم. في المخيمات، في السجون، في جمعيات تحتضن نساء مُعنفّات، في ملاجئ يأوي إليها عمّال غرباء... لم يعد مسرحهم الجميل جسراً يعبر من خلاله الجمهور إلى عالم طوباوي أفضل، إنما جعلوا منه وسيلة يعبرون من خلالها إلى قضايا الناس وهمومهم. وبعد مرور سبع سنوات، ظلّت الأفكار ذاتها، والأحلام أيضاً. الشباب الذين اعتُبرت مغامرتهم جنوناً استمرّوا، ولم يتراجعوا لحظة عن مشروعهم، برغم كلّ الصعوبات. غياب التمويل من الدولة ومن المؤسسات المدنية لم يدفعهم إلى المساومة على أفكارهم. هكذا ظلّ العمل الجادّ والمُلتزم سمة مــسرحهم. ستّة شباب يُشـــكلّون أعضاء فريق «زُقاق المسرحي» وهم: مايا زبيب، عمر أبي عازار، لميا أبي عازار، دانيا حمّود، جُنيد سرّي الدين، هاشم عدنان. وهم يعتبرون أنّ فرقتهم التي تأسست عام 2006 قامت على ركائز ثلاث: الحاجة، الإعتقاد، الإيمان. إنّها الحاجة إلى تطوير التجارب المسرحية وبلورتها في أعمالهم، والإعتقاد بضرورة التواصل السياسي والإجتماعي عبر المسرح. أمّا الإيمان فيتجلّى في الإلتزام بالعمل الجماعي في وجه «التهميش». وليس سهلاً تحقيق هذه الأهداف في مسرح مُلتزم يفتقد إلى الدعم المالي، لكنّ الفنانين المؤمنين بقدرتهم على التغيير أثبتوا أنّ الإصرار قادر على تحقيق المستحيلات. وإنّه لمن العجيب أن يستمرّ هذا المسرح ويُحقّق سنة بعد سنة نجاحاً أكبر وانتشاراً أوسع في ظلّ افتقاره إلى كلّ شكل من أشكال الدعم. وجاء العرض المسرحي الذي قدّمته «زُقاق» ليلة أول أمس في مقهى «تاء مربوطة» في شارع الحمرا تأكيداً على ثباتها وتصميمها على التقدّم في مشروعها الطامح إلى تطوير شكل المسرح اللبناني المعاصر. وفي هذه المناسبة قدّمت الفرقة مشاهد متنوعة من عروض سابقة لاقت استحسان الجمهور الذي حضر ليكون الداعم الوحيد لفرقة فنية جدية تناضل من أجل بقاء ما تبقّى من المسرح اللبناني.