تُعرض مسرحية سعدالله ونوس "طقوس الاشارات والتحولات" على خشبة المسرح الوطني الفرنسي (الكوميدي فرانسيز) في باريس من 18 مايو الماضي الى 11 يوليو المقبل، وهي من اخراج الفنان الكويتي سليمان البسام، وتدور أحداثها في دمشق القرن التاسع عشر، وبذلك يكون أول عمل مسرحي عربي يدرج في برنامج هذا المسرح العريق. نص ونوس ( 1941-1997 )، العصري والكلاسيكي، اختاره مسرح «الكوميدي فرانسيز»، وريث فرقة موليير القديمة، لتجسيد الرابط القائم بين أوروبا والمتوسط، بعد أن عرضت المسرحية في مرسيليا بوصفها عاصمة الثقافة الأوروبية 2013. وقال سليمان البسام إن العمل المختار «يشكل نصاً سياسياً في الكتابة المسرحية العربية، وسعدالله ونوس كان مرجعاً في المشهد العربي المعاصر المضطرب والصعب». وتنطلق المسرحية من حادثة تاريخية استلهم منها ونوس نصه، وكان أوردها الكاتب فخري البارودي في مذكراته، التي تحدث فيها عن تضامن أهل دمشق عندما يدبر مفتي دمشق خلال الحكم العثماني القبض على نقيب الأشراف متلبساً في وضع فضائحي مع فتاة ليل. وتنتمي هذه المسرحية إلى إنتاج سعدالله ونوس والتي كتبها عام 1994، وعرضت في لبنان وفي أوروبا بإدارة عدد من المخرجين غير السوريين منهم اللبنانية نضال الأشقر، والألمانية فريدريكه فيلبدك، بينما أوقف عرض المسرحية في مصر عام 2012 بعد أن عرضت بضعة مرات. من جانب آخر، قال سليمان البسام، في مقابلة مع تلفزيون " فرانس 24"، ان العمل المختار «يشكل نصا اساسيا في الكتابة المسرحية العربية، فالكاتب كان مرجعا في المشهد العربي المعاصر المضطرب والصعب». موضحاً أن النص يتحدث عن «فضيحة اخلاقية تحدث تحولا في المجتمع السوري الذي يواجه ازمة، كاشفة عن رغبات حميمية وقلق الأطراف المعنية»، مؤكدا ان هذه المسرحية نادرا ما تعرض في مدن ودول عربية، وأنها لا تخضع لمقص الرقيب فعلا، لكنها مسرحية تعيد النظر في الأسس الدينية. وأضاف سليمان البسام: "في حقيقة الأمر تلقيت الدعوة من المسرح الوطني الفرنسي لاخراج هذا العمل، وقد وضعت مسرحية عبدالله ونوس ضمن قائمة الأعمال المقدمة، واستغرق ذلك عامين لصدور الموافقة". وقد سبق أن قدم المخرج ذاته مسرحية شكسبير ريتشارد الثالث على مسرح "بوف دي نور"، الذي يقوده المسرحي الشهير بيتر بروك. النص الكلاسيكي وعن اهتماماته بالنص الكلاسيكي، يقول البسام: "اهتمامي بالنص الكلاسيكي يعود إلى انشغالي في البحث الابداعي، والنص الذي كتبه سعدالله ونوس يجسد رؤيته للعالم من حوله. وهو نص يطرح على العاملين فيه من ممثلين ومخرجين واحة كبيرة من الامكانيات والألعاب الفكرية والشاعرية. ولعل العقبة الرئيسية التي واجهتها، تكمن في الكيفية التي نأخذ من خلالها هذا النص من اللغة العربية، وننقل شحنته العاطفية والأدبية إلى بيئة أخرى، وهي الفرنسية، وخاصة في مسرح يشتهر بعراقة طقوسه". وأضاف المخرج: "إن أحداث النص تدور في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، وهناك أكثر من بعد تاريخي في النص، قدمها المؤلف في سياق الحكاية الشعبية التي تقترب من شخصيات ألف ليلة وليلة من الوالي والغانية والمخصي. في كتابته وضع نفسه وعمله أمام تابوهات المجتمع، كما طرح فيها رغبة الشخصيات في الانعتاق والحرية والكرامة، وهذا الصراع ليس مقصوراً على ثقافة معينة، فهو في قلب الحداثة والحرية". حصل على شهادة الماجستير في الفلسفة والأدب الإنجليزي، وتخرج من جامعة أدنبرغ عام 1994. عمل مساعد مخرج في أحد أهم المسارح الفنية في بريطانيا. أسس أول فرقة مسرحية باسم «زوام» عام 1996، وكان أعضاؤها من البريطانيين. عام 1997 عاد إلى الكويت وقدم أعماله المسرحية التي بدأ بها في لندن، وأسس مسرح البسام ابتداء من عام 2000. من أهم أعماله المسرحية: «هاملت»، و«كل إنسان» و«المقايضة»، و«ذوبان الجليد». حصل على العديد من الجوائز العالمية والمحلية، منها: جائزة النقاد الأولى من مهرجان أدنبرة عام 2002 عن عمله «مؤتمر هاملت»، وأفضل مخرج وأفضل عرض في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عام 2002 عن مسرحية «مؤتمر هاملت».