الجزائر - ربيعة خريس
قررت حكومة عبد المجيد تبون، استشارة الأحزاب السياسية وفعاليات المجتمع المدني، في الشق المتعلق بسياسية التحويلات الاجتماعية، أي ما يتعلق بسياسية الدعم الاجتماعي في مخطط عمل الحكومة الجديدة المرتقب، عرضه على البرلمان الجزائري، الثلاثاء المقبل، من طرف الوزير الأول عبد المجيد تبون.
وتضمن مخطط عمل الحكومة الجديدة محورًا خاصًا، يتعلق بتوسيع استشارة الأحزاب السياسية، وفعاليات المجتمع المدني، بغرض تحقي تواف حول الإصلاحات الواجب إدخالها على ملف العدالة الاجتماعية، الذي نبه بخصوصه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، خلال اجتماع مجلس الوزراء المنعقد الأربعاء، قائلاً إن الخيارات الوطنية في مجال العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني، خيار لا رجعة فيه رغم الأزمة المالية التي تعيشها الجزائر، جراء تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية، إلا أنه شدّد على الحكومة الجديدة التي أفرزتها الانتخابات البرلمانية، التي جرت في 4 مايو / آيار الماضي، بالعمل على مزيد من الترشيد، لهذه السياسية الاجتماعية من خلال استهداف أفضل لمستحقي المساعدات العمومية، وهو البند الذي تمت الإشارة إليه في وثيقة مخطط عمل الحكومة.
ويوحي قرار الحكومة الجزائرية، بإشراك الطبقة السياسية وفعاليات المجتمع المدني، في ملف التحويلات الاجتماعية، أو ما يعرف في الجزائر بـ " السوسيال " أنها ترفض تحمل المسؤولية لوحدها في هذا الملف الشائك، الذي فتح منذ قرابة أربعة سنوات لكنه بقي حبيس أدراج وزارة المال دون الفصل في أمره، ولطالما نادت التشكيلات السياسية بضرورة إعادة النظر فيه وتسبب في إفلاس الجزائر, وكانت هيئات مالية دولية كصندوق النقد الدولي قد نصحت الجزائر بالتخلي عن سياسية الدعم الاجتماعي، وتقلي التوظيف في القطاع العام حفاظًا على التوازنات المالية وهي النصائح التي كانت ترفضها السلطات الجزائرية جملة وتفصيلاً.
وتعتزم الحكومة الجزائرية، مستقبلاً التخلي عن الدعم الاجتماعي التدريجي وإدخال مساعدات نقدية مباشرة، للفئة والأشخاص الأكثر احتياجًا كصب مبالغ مالية في حساباتهم لذوي الدخل الضعيف، لمساعدتهم على تحمل الضرائب التي فرضت في قانوني الموازنة لعام 2016، و2017 وأيضًا تلك التي تضمنها مخطط عمل الحكومة، وسيتضمنها قانون الموازنة لعام 2018.
ولجأت الجزائر مطلع عام 2015 في تقليص الدعم، وقامت بفرض زيادات على سعر البنزين ومنتجات أخرى، وانتقدت المعارضة الجزائرية في العديد من المرات طريقة تسيير الحكومة الجزائرية لهذا الملف، أن المساعدات الاجتماعية تذهب للجميع، وهي توجه للفقير والغني معًا وتطالب أن لا يستفيد غير المحتاجين من التعليم والصحة المجانيين.
ويرى رئيس الكتلة البرلمانية لتحالف حركة مجتمع "السلم الجزائرية" في المجلس الشعبي الوطني، ناصر حمدادوش، في تصريحات لـ " العرب اليوم " إن إشراك الطبقة السياسية في دراسة الإصلاحات الواجب إدخالها على مخطط عمل الحكومة هو نوع من التهرب من المسؤولية فكم من مرة نادت التشكيلات السياسية بضرورة ف هذا الملف في قوانين الموازنة، إلا أن الحكومة الجزائرية لم تتجاوب مع مطالب المعارضة التي ترى أن ملف الدعم الاجتماعي، لا يحقق العدالة الاجتماعية، مشيرًا إلى أنها توجه للأغنياء والفقراء لكبار المستثمرين ولذوي الدخل البسيط فهي تذهب للأجانب أكثر من الجزائريين، مشيرًا إلى أنهم سبق وأن طالبوا ببطاقية وطنية دقيقة للمستحقين من الفقراء وذوي الدخل البسيط، حتى يوجه لهم الدعم مباشرة، ويوفر هذا الأمر مليارات الدولارات للخزينة العمومية.
وأوضح ناصر حمدادوش، أن الضائقة المالية والاقتصادية التي تمر بها البلاد، جراء تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية، ودفع برئيس الجزائر إلى وضع خطوط حمراء، أبرزها المتعلقة بمراجعة سياسية الدعم الاجتماعي، وعدم اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، إلا أن هامش رفض اللجوء إلى هذا الخيار يبقى ضعيفًا بالنظر إلى المعطيات الاقتصادية الراهنة، والقرارات التي اتخذتها الحكومة الجزائرية أخير تثبت فعليا مدى خطوة الوضع المالي والاقتصادي، وتوقع حمدادوش أن يكون لقرار مراجعة ملف العدالة الاجتماعية، آثار سلبية على الساحة الاجتماعية بالنظر إلى الحراك القائم في الساحة.
ومن المرتقب أن ينزل الوزير الأول عبد المجيد تبون، مساء الثلاثاء المقبل، إلى قبة البرلمان لعرض وثيقة مخطط عمله، ورغم أنه سيعرضه وهو في أريحة تامة من أمره، إلا أنه سيخوض حرب ضروس مع المعارضة البرلمانية، وستكون فرصة لمساءلة الحكومة حول العديد من القضايا الاجتماعية والاقتصادية الراهنة.